للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدل من المشركين. {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} تركوا دين الإسلام، وقرئ. {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} (١). أي:

جعلوه أديانا مختلفة. {وَكانُوا شِيَعاً} فرقا، كل فرقة تشايع إمامها الذي أضلها. {كُلُّ حِزْبٍ} منهم فرح بمذهبه مسرور بباطله يحسبه حقا، ويجوز أن يقطع الكلام عند قوله:

{شِيَعاً} وتبتدئ من قوله: {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}. الضر: الشدة، والرحمة:

الخلاص من الشدائد، واللام في {لِيَكْفُرُوا} لام العاقبة {فَتَمَتَّعُوا} نظير قوله: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} (٢) {سُلْطاناً} أي: كتابا. {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ} ويخبر بحقائق الأمور؛ كقوله: {هذا كِتابُنا يَنْطِقُ} (٣). يعني: فالقرآن شاهد بكذبهم و "ما" في قوله: {بِما كانُوا} مصدرية؛ أي:

بكونهم، ويحتمل أن يكون قوله: {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً} أي: ذا سلطان، وهو ملك معه برهان بذلك الملك يتكلم بالبرهان الذي بسببه يشركون.

{وَإِذا أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧) فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (٤٠)}

{وَإِذا أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً} أي نعمة من مطر أو سعة أو صحة. {فَرِحُوا بِها} فرح أشر وبطر. {أَوَلَمْ يَرَوْا} هؤلاء أن الله هو القابض والباسط والرازق، فما لهم لا يرجعون إليه ويتوبوا! حق ذي القربى: صلة الرحم، وحق المسكين وابن السبيل: نصيبهما من الصدقة المسماة لهما، وقد احتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية على وجوب نفقة سائر المحارم (٤). ولما ذكر الله تعالى أفعال المتقين أتبعهم بذكر ما (١٨١ /ب) يتقرب به إليه، والنهي عن الربا


(١) قرأ حمزة والكسائي "فارقوا" وقرأ الباقون "فرقوا". تنظر في: إتحاف فضلاء البشر للبنا (ص: ٣٤٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٧٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٢٢)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٣٠٤)، النشر (٢/ ٢٦٦).
(٢) سورة فصلت، الآية (٤٠).
(٣) سورة الجاثية، الآية (٢٩).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي (٥٧، ١٤/ ٥٦)، شرح فتح القدير لمحمد بن عبد الواحد (٧/ ٣٨، ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>