للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢) وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)}

و {مِنْ} الأولى للابتداء، والثانية للتبعيض، والثالثة زائدة، ومعنى الآية: هل ترضون أن مماليككم المساوين لكم في البشرية والعقل والتمييز أن يشاركوكم فيما وهبكم الله من الجاه والمال، وتخافوهم كما تخافون من غيرهم؛ كذلك كل من عبد من دون الله لا يساويكم أيها الأحرار الملاك، ولا تخافونهم كخيفتكم من أمثالكم. {الَّذِينَ ظَلَمُوا} أشركوا؛ كقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (١) {بِغَيْرِ عِلْمٍ} فإن العالم إذا ركب هواه ربما ردعه علمه وكفّه، وأما الجاهل فإنه يخبط عشواء (١٨١ /أ) لا يدري طريق الصواب. {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} فقوّم وجهك له من غير انحراف ولا ميل، و {حَنِيفاً} حال من المأمور أو من الدين. {فِطْرَتَ اللهِ} الزموا فطرة الله، أو: عليكم فطرة الله. والفطرة:

الخلقة، والمعنى: أنه خلقهم قابلين للتوحيد والاعتقادات الصحيحة، لولا أن آباءهم لقّنوهم الضلال، حتى لو تركوا لما اختاروا عليه دينا آخر، ومن كفر منهم فبإغواء الشياطين، وفي الحديث الصحيح أيضا: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه" (٢).

ووحّد الخطاب في قوله: {فَأَقِمْ} وجمعه في قوله: {مُنِيبِينَ} لأن الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته؛ كقوله - عز وجل -: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} (٣). {الدِّينُ}


(١) سورة لقمان، الآية (١٣).
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٣٥٨)، ومسلم رقم (٢٦٥٨)، وأبو داود رقم (٤٧١٤)، والترمذي رقم (٢١٣٨)، والنسائي (٤/ ٥٨)، وابن حبان رقم (١٢٩، ١٢٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) سورة الطلاق، الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>