للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)}

{لا يَجْزِي} عنه، لا يقضي عنه شيئا، ومنه قوله في جذعة ابن نيّار: "تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك" (١).والغرور: الشيطان. وقيل: الدنيا. وقيل: تمنيكم في المعصية المغفرة بغير توبة. وقيل: هو ذكرك لحسناتك، ونسيانك لسيئاتك غرة. وقرئ بضم الغين (٢) وهو مصدر غر غرورا؛ فإنه جعل الغرور غارا. قوله: {وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ} أكد نفي الإجزاء عن الوالد للولد؛ لأن أكثر الصحابة أسلموا وآباؤهم على الكفر فأكد نفي الانتفاع بشفاعتهم في الآخرة. روي أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الخمس؛ فأنزل الله هذه الآية (٣). وعن ابن عباس: "من ادعى معرفة هذه الخمس فقد كذب، إياكم والكهانة؛ فإن الكهانة تدعو إلى الشرك، والشرك أهله في النار" (٤).

وروي أن المنصور أهمه معرفة ما بقي من عمره، وكان يدعو أن يعلم بذلك عقب كل صلاة، فرأى في المنام كفا خرجت من البحر بخمسة أصابع، فسأل العلماء عن تعبيرها فقال قوم: خمس سنين. وقيل: خمسة أشهر. وقيل: غير ذلك، حتى قال أبو حنيفة: إن


(١) رواه البخاري رقم (٥١٣٠)، وأبو داود رقم (٢٤١٩)، الترمذي رقم (١٤٢٨)، وابن ماجه رقم (٣١٤٥)، وأحمد رقم (١٤٣٩٩)، وابن نيار، اسمه هانئ واسم جده عمرو بن عبيد، من حلفاء الأنصار، وشهد العقبة وبدرا والمشاهد وعاش حتى سنة ٤٢ وقيل: ٤٥ هـ‍. قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح البخاري.
(٢) قرأ بها سماك بن حرب وأبو حيوة وابن السميقع. وقراءة الجمهور "الغرور" بفتح الغين. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٩٤)، تفسير القرطبي (١٤/ ٨١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٩٢)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٢٤٥)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٧٢).
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٣٢٦) ونسبه لابن مردويه عن أبي أمامة وسلمة بن الأكوع. وروى أحمد في المسند (٢٢٠٤٦) نحوه.
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>