للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معه أعوان من الملائكة؛ لقوله تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} (١). وقيل: ملك الموت تعرفه الأرواح فتجيبه، ثم يأمر أعوانه بقبضها.

{وَلَوْ تَرى} يحتمل أن يكون خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون تمنيّا، أي: وليتك تراهم. والثاني: أن تكون شرطية وجوابها محذوف؛ تقديره: لرأيت أمرا فظيعا، أو: لرأيت أسوأ حال، ويجوز أن يخاطب غير معين؛ كما تقول: فلان لئيم؛ إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا تريد به مخاطبا معينا، وكأنك قلت:

إن أكرم وإن أحسن إليه، والمعنى في قوله عز وجل {بِما نَسِيتُمْ} الترك والإهمال، أي:

لم تعملوا للقاء هذا اليوم. {إِنّا نَسِيناكُمْ} تركناكم، أي: جازيناكم على نسيانكم {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} (٢) وقيل: هو بمعنى الترك. {وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ} العذاب المخلد بسبب أعمالكم القبيحة.

{إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)}

{إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها} بادروا بوضع جباههم على الأرض؛ مسارعة إلى الطاعة، وشكرا على ما رزقوا من الإسلام.

{وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} وسبحوا الله تعالى حامدين غير مستكبرين كما يفعل المنافقون من إظهار الطاعة. {تَتَجافى} ترتفع وتتنحى عن المضاجع، أي: عن الفرش ومواضع النوم، وفي الحديث: "أن مناديا ينادي يوم القيامة يسمع الخلائق كلهم: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع.

فيقومون وهم قليل، ثم يرجع فينادي: ليقم الذين كانوا يحمدون الله تعالى في البأساء والضراء. فيقومون وهم قليل، فيدخلون جميعا إلى الجنة، ثم يحاسب سائر الناس" (٣).

وقيل: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّون من صلاة المغرب إلى صلاة


(١) سورة الأنعام، الآية (٦٥).
(٢) سورة البقرة، الآية (١٩٤).
(٣) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٣٨) للبيهقي في شعب الإيمان، عن ربيعة الجرشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>