للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{سَوّاهُ} قومه؛ كقوله: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (١). ودل بإضافته الروح إلى ذاته الشريفة على أنه مخلوق عظيم لا يعلم قدره؛ كقوله: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ .. }. الآية (٢). كأنه قال: ونفخ فيه من الشيء الذي اختص بمعرفته.

{وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)}

{وَقالُوا} أضاف القول إلى جميعهم، والقائل أبيّ بن خلف؛ رضاهم بقوله.

{ضَلَلْنا} صرنا ترابا وذهبنا مختلطين بتراب الأرض لا نتميز منه؛ كما يضل الماء في اللبن، أي: غبنا في الأرض بالدفن فيها، وقرئ بكسر اللام، وقرئ {ضَلَلْنا} (٣) بالصاد المهملة؛ أي: أنتنت أجسادنا تحت الأرض، وانتصب الظرف في {أَإِذا ضَلَلْنا} بما دل عليه {أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} وهو: نبعث، أو: يجدد خلقنا.

{بِلِقاءِ رَبِّهِمْ} هو الوصول إلى العاقبة من تلقي ملك الموت وما بعده، فلما ذكر كفرهم بالإنشاء أضرب عنه إلى ما هو أشد منه وهو كفرهم بالعاقبة لا بالإنشاء وحده، ألا ترى كيف خوطبوا بتوفي ملك الموت وبالرجوع إلى (١٨٦ /ب) الله عز وجل. {يَتَوَفّاكُمْ} هو من استيفاء الحق، يقال: وفيت فلانا حقه. إذا أعطيته له كاملا. {الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} بقبض أرواحكم. وقيل: إن الأرض بين يدي ملك الموت يقبض منها ما يشاء.


(١) سورة التين، الآية (٤).
(٢) سورة الإسراء، الآية (٨٥).
(٣) قرأ بكسر اللام يحيى بن يعمر وابن محيصن وأبو رجاء، وقرأ "صللنا" بالصاد علي بن أبي طالب والحسن والأعمش وأبان بن سعيد ومعناه: أنتنا. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢٠٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٩٦)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٢٥٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٢٠)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٧٣)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>