للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العرش إلى الأرض وعكسه مسافة يقطعها الراكب المجد في خمسين ألف سنة، وقوله - هاهنا -: {أَلْفَ سَنَةٍ} هو لمدة العروج من سماء الدنيا إلى الأرض أو عكسه. وقيل:

اختلاف القول في ذلك اليوم يوجب ظنونا مختلفة؛ فبعض من اشتد عليه الهول يقدره بخمسين ألف سنة، وبعض من كان أنقص عذابا يقدره بألف سنة.

{ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩)}

{أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} أي: حسنه؛ لأنه ما من شيء خلقه إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة، وجميع المخلوقات حسنة وإن تفاوتت إلى حسن وأحسن؛ كقوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (١). وقيل: علم كيف يخلقه؛ من قولهم: قيمة المرء ما يحسن وقرئ {خَلَقَهُ} (٢) على البدل من {كُلَّ شَيْءٍ} أي: أحسن كل شيء وخلقه؛ على الوصف ل‍ "شيء". سميت الذرية نسلا؛ لأنها تنسل من الإنسان، أي: تخرج من صلبه {مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} من مني مستقذر تكره أن تراه على ثوبك أو بدنك.


= لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه عن عبد الله بن أبي مليكة - رضي الله تعالى عنه - قال: "دخلت على ابن عباس أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - قال فيروز: يا ابن عباس، قوله: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ فكأن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - اتهمه فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة؟ فقال: إنما سألتك لتخبرني. فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم. فضرب الدهر من ضرباته حتى جلست إلى ابن المسيب - رضي الله عنه - فسأله عنها إنسان فلم يخبر، ولم يدر، فقلت: ألا أخبرك بما أحضرت من ابن عباس؟ قال: بلى فأخبرته، فقال للسائل: هذا ابن عباس - رضي الله عنهما - أبي أن يقول فيها وهو أعلم مني".
(١) سورة التين، الآية (٤).
(٢) قرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وخلف "خلقه" وقرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب "خلقه". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٩٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٨٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٦٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣٩٥)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥١٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٤١)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>