للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أن الخوف أزعجهم أشد الإزعاج.

{طائِفَةٌ مِنْهُمْ} معتب بن قشير، وأوس بن قبطي. وقيل: عبد الله بن أبيّ وأصحابه، و {يَثْرِبَ} اسم المدينة. وقيل: أرض وقعت المدينة في ناحية منها {لا مُقامَ لَكُمْ} لا قرار لكم. {فَارْجِعُوا} إلى بيوتكم؛ أمروهم بالهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: المراد ب‍ "ارجعوا" أن يرجعوا إلى دينهم الأول، ويسلموا محمدا وإلا فليس هذا المكان مكان حرب {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ} أي: ليست بمحصنة، والعدو متمكن منها وهم كاذبون، بل كانت بيوتهم محصنة؛ كذبهم الله وبين أن ليس قصدهم بذلك إلا الفرار.

{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧)}

{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ} المدينة. وقيل: بيوتهم، تقول: دخلت على فلان داره {مِنْ أَقْطارِها} من جوانبها. {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ} الرجوع إلى دينهم، ومن قرأ {لَآتَوْها} بالقصر، أي: لجاءوها، ومن قرأ بالمد (١) فمعناه: لأعطوها {وَما تَلَبَّثُوا بِها} أي بإعطاء كلمة الكفر. قيل: ما تلبثوا بها؛ أي: بالمدينة، فإذا خالفوا (١٩٠ /أ) الأمر وأعطوا الكفر غضب الله عليهم فابتلوا وأخرجوا من ديارهم؛ وذلك لمقتهم الإسلام وبغضهم لأهله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاهد الأنصار ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأولادهم. وقيل: هم قوم اتفقت غيبتهم عن بدر؛ فقالوا: فاتنا مغنم بدر وثوابها، والله لئن أشهدنا الله موقفا مع الرسول صلى الله عليه وسلم لنبلغن الجهد في القتال؛ فلما جاءت وقعة أحد انهزموا، وعتبهم الله بقوله: {وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا} الآية {مَسْؤُلاً} مطلوبا حتى يوفّى به. {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ} مما لا بد لكم من نزوله بكم، وإن منعكم الفرار ومنعتم بالبقاء لم


(١) قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر "لأتوها" وقرأ الباقون "لآتوها". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢١٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٨٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٧٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٠٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٢٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>