يكن زمن تمتعكم إلا قليلا. وروي أن بعض بني مروان مر بحائط مائل فأسرع في الذهاب؛ فقيل له:{وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاّ قَلِيلاً} فقال: ذلك القليل أطلب.
فإن قيل: كيف ذكر العصمة وإذا حصلت العصمة انتفى السوء؟! قلت: حمل الثاني على الأول؛ لما في العصمة من معنى المنع. وقيل: المراد: أن يعصمكم من السوء إن أردتم رحمة.
{الْمُعَوِّقِينَ} الذين كانوا يثبطون الناس عن القتال، ويلقون في مسامع المسلمين: إن إخوانكم من الغزاة قتلوا، فتعالوا نجتمع ونكن حزبا واحدا.
و {هَلُمَّ} بمعنى تعالى، وأهل الحجاز لا يثنونه ولا يجمعونه؛ يقولون للرجل وللرجلين وللرجال: هلم وغيرهم يقول: هلمي وهلما وهلموا وهلممن.
{إِلاّ قَلِيلاً} إلا زمانا قليلا. {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} في وقت الحرب بخلا بكم، خشية أن يصيبكم مكروه. {يَنْظُرُونَ} إليكم في تلك الحالة؛ كما ينظر المغشي عليه من معالجة سكرة الموت وحذرا وخورا. {فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ} وحيزت الغنائم ووقعت القسمة جاءوا يطلبون نصيبهم منها بألسنة حداد وقالوا: وفّروا قسمنا منها. قوله:{أَشِحَّةً} حال، وإنما ذكر الإحباط في أعمال المنافقين مع أن أعمالهم محبطة من أصلها؛ لدفع وهم من يظن أن المنافق لإظهار دين الإسلام قد يتخيل له نصيب من الأجر لما أظهر من إيمانه؛ فقطع مطامعهم بذلك. فإن قيل: ما معنى قوله: {وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً} وكل شيء يسير عليه؟ فجوابه أن الرجل الصالح (١٩٠ /ب) حقيق ألا يناله مكروه؛ فإن وقع ذلك فهو على مخالفة الدليل. وجاء في الحديث عن الله تعالى أنه قال: "ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح