للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦)}

الباء في قوله: {بِغَيْظِهِمْ} مثلها في قوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} (١) {لَمْ يَنالُوا خَيْراً} وهما حالان مترادفان، أو متداخلان، ويجوز أن تكون الثانية بيانا للأولى واستئنافا. {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ} بالريح والملائكة {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ} من حصونهم.

والصيصية: ما تحصّن به، يقال لقرن الثور والظبي: صيصية، ولمخلب الديك صيصية.

روي أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم، جاء جبريل على فرسه الحيزوم، والغبار على وجه فرسه وعلى سرجها، فقال: ما هذا يا جبريل؟ فقال: من متابعة قريش، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه الفرس وسرجه، فقال: يا رسول الله، إن الملائكة لم تضع السلاح، وإن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وإن الله (١٩١ /ب) داقّهم دقّ البيض على الصفا وأنهم لك طعمة، فأذّن في الناس أن من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة. فما صلى كثير من الناس العصر إلا بعد العشاء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك " (٢) فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تنزلون على حكمي؟ فأبوا، فقال: على حكم سعد بن معاذ؟ فرضوا به، فقال سعد بن معاذ: حكمت بقتل مقاتلتهم، وسبي ذراريهم ونسائهم؛ فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة "أي: سبع سماوات، وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم خندقا وقدّمهم فضرب أعناقهم وهم ثمانمائة إلى تسعمائة" (٣).

وقيل: كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير.

وقرئ {الرُّعْبَ} بسكون العين وضمها (٤). وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عقارهم


(١) سورة المؤمنون، الآية (٢٠).
(٢) رواه البخاري رقم (٤١١٩)، ومسلم رقم (١٧٧٠).
(٣) رواه البخاري رقم (٤١٢٢)، ومسلم رقم (١٧٦٩).
(٤) قرأ أبو عمرو وحمزة وخلف وعاصم ونافع وابن كثير: "الرعب"، وقرأ ابن عامر والكسائي وأبو جعفر ويعقوب: "الرعب". تنظر القراءات في: إتحاف فضلاء البشر للبنا (ص: ٣٥٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>