للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أخبار السوء - لنأمرنك أن تفعل بهم ما يسوؤهم، ثم نضطرهم إلى الخروج من المدينة؛ لأن بقاءهم فيها ضرر على أهلها.

{إِلاّ قَلِيلاً} إلا زمنا قليلا بقدر ما يتهيأ لهم التجهز والخروج. {مَلْعُونِينَ} نصب على الشتم أو الحال معا؛ كما مرّ في قوله: {إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} ولا يجوز أن يكون معمولا لقوله: {أُخِذُوا} لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. وقيل: {قَلِيلاً} هو منصوب على الحال بمعنى: لا يجاورونك إلا أقلاء أذلاء.

وقوله: {لا يُجاوِرُونَكَ} معطوف على قوله: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} لأنه يجوز أن يجاب به القسم. ألا ترى إلى صحة قوله: لئن لم ينتهوا لا يجاورونك؟ فإن قلت: لو كانت الفاء مكان "ثم" لحصل مراد التعقيب والتسبيب (١٩٩ /أ) قلت: لم يجعل الثاني مسببا عن الأول، بل عطف عليه، وليس التعقيب والتسبب ههنا مرادين وإنما عطف ب‍ "ثم" للتراخي المعنوي، وقد سبق ذكره مرارا؛ لأن الجلاء عن الأوطان أعظم عليهم وأطم؛ قال الله - تعالى:

{سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١)}

{وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا} (١) فاكتفى لهم بالجلاء عن القتل.

{سُنَّةَ اللهِ} مصدر مؤكد؛ أي: سنّ الله ذلك سنة في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا


(١) سورة الحشر، الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>