للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيثما ثقفوا. وعن مقاتل: يعني كما قتل أهل بدر (١). وكان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استهزاء، واليهود يسألونه امتحانا؛ لأن الله تعالى عمّى ذكرها في الكتب المنزلة؛ فلا أحد يطلع عليها، ثم بين أنها قريبة الوقوع؛ تهديدا للمستعجلين، وإسكاتا للممتحنين. قوله: {قَرِيباً} أي: شيئا قريبا أو زمانا قريبا، أو يعبر عن أحوالها وهيآتها، وطرحهم في النار منكوسين مقلوبين وخصت الوجوه بالذكر لأنها أكرم شيء على الإنسان، ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة.

{كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى} قيل: نزلت في الذين تكلموا في تزويج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش (٢). {آذَوْا مُوسى} ما رتبه قارون مع المومسة أنها تقذفه بنفسها. وقيل: اتهامهم إياه بقتل هارون وكان قد خرج معه إلى الجبل فمات هارون هناك، فحملته الملائكة وطافت به عليهم حتى رأوه غير مقتول. وقيل: أحيا الله هارون فأخبرهم ببراءة موسى (٣). وقيل:

قذفوه بعيب في جسده وأدرة (٤) فأطلعهم الله عز وجل على أنه بريء منه (٥) {وَجِيهاً} ذا جاه ومنزلة عنده؛ فلذلك كان يميط عنه التهم ويدفع عنه الأذى. وقوله: {مِمّا قالُوا} إما أن تكون "ما" مصدرية أو موصولة، وأيهما كان فكيف تصح البراءة منه؟ فنقول: المراد بالقول مؤداه ومضمونه هو الأمر المغيب، ألا ترى أنهم سموا السببية بالقالة، والقالة بمعنى القول. {قَوْلاً سَدِيداً} أي: يقصد فيه الحق والعدل؛ يقال: سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل به عن سمتها والمراد نهيهم عما خاضوا فيه من حديث زينب من غير قصد، والمعنى:

راقبوا الله عز وجل في حفظ ألسنتكم، وسداد قولكم، فإذا فعلتم ذلك حصل لكم الفوز العظيم، وهو صلاح الأعمال، ومغفرة الذنوب ونهاهم عن التعريض للأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين (١٩٩ /ب) وعن إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ثم أمر بحفظ اللسان


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٦١).
(٢) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٣٤١) ونسبه للنقاش، والزمخشري في الكشاف (٣/ ٥٦٣).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٥١).
(٤) الأدرة: بالضم نفخة في الخصية يقال: رجل آدر بين الأدر - بفتح الهمزة والدال - الذي يصيبه فتق في إحدى الخصيتين. وقيل: الأدرة الخصية والخصية الأدراء: العظيمة من غير فتق. ولا يقال امرأة أدراء إما لأنه لم يسمع، وإما أن يكون لاختلاف الخلقة. ينظر: لسان العرب (أدر).
(٥) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>