للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن معمول المجرور لا يتقدم عليه، وهو كتقديم المجرور على الجار (١).

قرئ {مِيعادُ يَوْمٍ} و {مِيعادُ يَوْمٍ} (٢) والميعاد: ظرف الوعد من مكان أو زمان، وهو هاهنا الزمان، والدليل عليه قراءة {مِيعادُ يَوْمٍ} فأبدل اليوم من الميعاد، وجعله هو نفسه وأما من نصب "يوما" فعلى الظرف، والعامل فيه محذوف أي: أعني يوما، أو خفوا يوما، ثم يجوز على هذا أن يرتفع "يوم" بإضمار "هو". ومن جرّه فبالإضافة، وإنما صلح قوله: {قُلْ لَكُمْ مِيعادُ} جوابا والسؤال عن تعيين الزمان بقوله: {مَتى} لأنه لم يقصد به الجواب عن تعيين الزمان، وهم إنما سألوا ب‍ "متى" استهزاء وتكذيبا، فأجيبوا بأن هذا الأمر لم يطلع عليه أحد، ولا يستطيعون تأخّرا ولا تقدّما.

{بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} ما نزل من الأخبار السماوية قبل نزول القرآن، وأن كفار قريش سألوا أهل الكتاب الذين بجوارهم، فأخبروهم أنهم يجدون نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابهم فأغضبهم ذلك، وكفروا بما أنزل على موسى وعلى جميع الأنبياء. وقيل: {بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} القيامة، والمعنى أنهم جحدوا أن يكون القرآن منزّلا من عند الله وأنكروا الإعادة.

{وَلَوْ تَرى} خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل سامع، والجواب محذوف تقديره: لرأيت أمرا عظيما (٢٠٣ /ب) والمستضعفون هم الأتباع، والمستكبرون هم الرؤساء والمقدمون، أجاب المستكبرون بإنكار أن يكونوا هم الذين صدوا.


(١) قال العكبري في اللباب في علل البناء والإعراب (١/ ٢٩٢): "ولا يجوز تقديم حال المجرور عليه؛ لأن العامل في الحامل هو العامل في صاحب الحال، والعامل في صاحبها هو الحرف المعلق بالفعل فصار كالشيء الواحد فتقديمها على الجار يفصل بين الفعل والحرف؛ ولأن حرف الجر لا تصرّف له، وهو العامل في صاحب الحال، وليس له معنى يعمل به، فامتنع قولك: مررت قائما بزيد، وقائما مررت بزيد والقيام لزيد. وقال بعض النحويين: يجوز تقديمها عليه، واحتج بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ والجواب: أما كافة فحال من الكاف لا من" الناس "والهاء فيها للمبالغة، والتقدير: ما أرسلناك إلا كافة للناس كفرهم".
(٢) قرأ الجمهور "ميعاد يوم"، وقرأ ابن أبي عبلة "ميعاد يوما" وقرئ أيضا "ميعاد يوم".
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢٨٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٤٧ - ٤٤٨)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣٢٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٠)، مفاتيح الغيب للرازي (٢٥/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>