للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأموال لا تقرّب أحدا إلا من أنفقها في سبيل الله عز وجل، وكذلك الأولاد إلا لمن علمهم الجدّ في طاعة الله عز وجل. {جَزاءُ الضِّعْفِ} من إضافة المصدر إلى المفعول، كأنه قال:

يجازون الجزاء المضاعف. {فَهُوَ يُخْلِفُهُ} لا يعوضه سواه، إما عاجلا بالمال، وإما بالقناعة التي هي كنز لا ينفد، وإما أجلا بالثواب الذي كل خلف دونه.

{خَيْرُ الرّازِقِينَ} وأعلاهم رب العزة، فإن كل من رزق غير الله من سلطان يرزق جنده، أو سيد يرزق عبده، أو رجل يرزق عياله؛ فإن الله عز وجل الذي أجراه على أيديهم، وهو رزق من الله عز وجل. وعن بعضهم: كان يقول: الحمد لله الذي أوجدني، وجعلني ممن يشتهي؛ فكم من مشته لا يجد، وكم من واجد لا يشتهي!

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦)}

{ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ} هذا الخطاب للملائكة، وفيه تعيير للكفار، وقد علم الله أن الملائكة وعيسى لم يؤثروا عبادة غير الله عز وجل، وهو قوله عز وجل لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ} (١) مع علمه تعالى بأن عيسى لم يقل. والموالاة: مفاعلة من الولي، وهي القرب كما أن العداوة مأخوذة من العدو، وهو البعد، والولي يطلق على المتولّي والمتولّى {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ} (٢). {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ} (٣). بينوا بموالاتهم لله عز وجل وعداوتهم


(١) سورة المائدة، الآية (١١٦).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٩٧).
(٣) سورة المائدة، الآية (٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>