للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قول كثير [من الطويل]:

لئن كان يهدى برد أنيابها العلا ... لأفقر منّى إنني لفقير (١)

ويجوز أن يراد: هذا هو الصراط المستقيم وما سواه معوج. {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ} الشيطان {جِبِلاًّ} و "جبلا" و "جبلا" و "جبلا" (٢) وهي لغات في معنى الخلق، جبلا جمع جبلة كفطرة وفطر. ويروى أن الكفار إذا شهدت عليهم الحفظة أنكروا وكذبوا، فيختم على أفواههم وتتكلم الجوارح بما عملوا. وفي الحديث: "إن الكافر يقول: إني لا أجيز إلا شاهدا من نفسي فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدا لكنّ وتعسا؛ فعنكنّ كنت أناضل" (٣).

الطمس: تعفية شق العين حتى تبقى ممسوحة. {فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ} أي: فاستبقوا إلى الصراط؛ فحذف الجار وأوصل الفعل، أو تضمن معنى ابتدروا، ويجعل الصراط مسبوقا لا مسبوقا إليه، والمعنى: أنا لو طمسنا على أعينهم فتسابقوا إلى الطريق المسلوك في حوائجهم على عادتهم القديمة - لم يستطيعوا. والمكان والمكانة واحد؛ كالمقام والمقامة، أي: لمسخناهم وغيّرنا خلقهم فلا يستطيعون مضيا ولا استقرارا. وقيل: لمسخناهم قردة وخنازير. أو: لمسخناهم حجارة. {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} نخلقه على خلاف ما خلقناه؛


(١) البيت لابن الدمينة، ينظر في: الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (١/ ٧٨١)، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (٢٢٢٣)، عيون الأخبار لابن قتيبة (٢٦٢٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٣) قال المرزوقي في شرح الحماسة: "قوله: يهدي يجوز أن يكون من الإهداء الإتحاف، ويجوز أن يكون من الهداء الزفاف. أنيابها العلى، يراد به الشريفة العالية الشأن. ويجوز أن يراد بالعلى الأعالي من الأسنان، لأنها موضع القبل. ويعني ببرد الأسنان: عذوبة الرضاب عند المذاق. وقوله: إنني لفقير، فعيل بناء المبالغة، ولا سيما إذا أطلق إطلاقا، فلا يقال فقير إلى كذا وكذا فيخصص. والمعنى: إن كان يتربص بمتسق مضحكها، وواضح مقبلها، وطيب رضابها، وبراد أسنانها، لمن هو أفقر مني إليها، فإنني الفقير مطلقا. والمعنى: لا غاية وراء فقري".
(٢) قرأ نافع وعاصم وأبو جعفر "جبلاّ" وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ورويس وخلف "جبلا" وقرأ أبو عمرو وابن عامر "جبلا" وقرأ روح "جبلا". تنظر القراءات في:: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٤٤)، تفسير القرطبي (١٥/ ٤٧)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٩٩) الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٠٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٩١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٤٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٥)
(٣) رواه مسلم رقم (٢٩٦٩)، والنسائي في السنن الكبرى رقم (١١٦٥٣) عن أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>