للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَقَدْ فَتَنّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤)}

قيل: فتن سليمان بعد ما ملك عشرين سنة، وملك بعد الفتنة عشرين سنة، ورزق سليمان ابنا فقالت الجن: إن عاش هذا الولد دامت السخرة علينا فنقتله أو نخبله، فعلم ذلك؛ فصار يغذوه في السحاب، فما راعه إلا وقد ألقي على كرسيه ميتا فتنبه على خطئه في أنه لم يتوكل على الله فاستغفر ربه وتاب إليه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان عليه السلام (٢٢٥ /ب):" لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله تعالى. فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة فجاءت بشق رجل، والذي نفسي بيده لو قال: إن شاء الله لقاتلوا في سبيل الله عز وجل فرسانا أجمعون " (١) حكي من أخذ الشيطان خاتم سليمان وجلوسه على كرسي سليمان واجتماعه بنسائه فالله أعلم بصحته (٢).

وروي أن سليمان بلغه أن ملك صيدون، وهي من مدن جزائر البحر وأن لها ملكا عظيما لا يقدر عليه؛ لتحصنه بالبحر فخرج إليه تحمله الرياح حتى أناخ بها بجنوده من الجن والإنس فقتل ملكها وسبى بنتا له يقال لها جرادة، كانت من أحسن الناس وجها؛ فاصطفاها لنفسه، وأسلمت وأحبها، وكانت لا يرقأ دمعها؛ حزنا على أبيها فمثلوا لها صورة أبيها فكانت إذا خرج سليمان تغدو هي وجواريها فيسجدون له فأخبر آصف سليمان عليه السلام بذلك، فكسر الصورة، وعاتب المرأة، ثم خرج وحده إلى فلاة ففرش له الرماد، وجلس عليه يبكي ويتضرع، وكانت له أم ولد يقال لها أمينة، وكان يضع خاتمه عندها إذا أراد جماع غيرها، أو دخول الخلاء، وكان ملكه في خاتمه فوضعه عندها يوما، وأتاها شيطان في صورة سليمان فأعطته الخاتم، فأخذه وجلس على كرسي سليمان، وعكفت عليه الجن والطير والوحش، وكان قد غيرت هيئته فأتى أمينة يطلب الخاتم فأنكرته وطردته؛ فعرف أن الخطيئة قد أدركته فكان يدور على البيوت يتكفف، وإذا قال: أنا


(١) رواه البخاري رقم (٣١٧١)، ومسلم رقم (٣١٢٤)، والترمذي رقم (١٤٥٢).
(٢) ذكر الحكاية الزمخشري في الكشاف (٤/ ٩٤) ثم قال:" ولقد أبى العلماء المتقنون قبوله وقالوا: هذا من أباطيل اليهود، والشياطين لا يتمكنون من مثل هذه الأفاعيل، وتسليط الله إياهم على عباده حتى يقعوا في تغيير الأحكام وعلى نساء الأنبياء حتى يفجروا بهن قبيح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>