للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣)}

{أَحْبَبْتُ} معناها: أنبت، أي: أنبت فعل الخير {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أو جعلت حب الخير مجزئا أو مغنيا {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} وقيل: إن {أَحْبَبْتُ} بمعنى لزمت. مثل بعير السوء إذ أحبّا (١).

و {الْخَيْرِ} المال؛ لقوله: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً} (٢) {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (٣) والمال:

الخيل التي شغلته عن الصلاة، أو: سمي الخيل خيرا؛ كأنها نفس الخير؛ لتعلق الخير بها قال صلى الله عليه وسلم: "الخيل معقود في نواصيها الخير" (٤).وسأل رجل بلالا عن أناس يستبقون من السابق؟ فقال: "رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له الرجل: أردت الخيل؛ فقال بلال: وأنا أردت الخير صلى الله عليه وسلم" (٥).والتواري بالحجاب: مجاز في غروب الشمس، والضمير في الشمس ولم يجر لها ذكر. وقيل: الضمير للصافنات، أي: توارت بظلمة الليل، ومن بدع التفاسير أن الحجاب: جبل دون قاف بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه (٦). {فَطَفِقَ} فشرع يضرب أعناقها بالسيف، ويقال: كسف عراقبيها بالسيف (٧)، وضرب أعناقها وهي كسف بالسين المهملة، ومن رواه بالشين فقد وهم. وقيل: مسحها بيده؛ استحسانا لها وإعجابا بها.

وقرئ "بالساق" (٨) لأمن اللبس.


(١) هذا رجز من شعر أبي محمد الفقعسي وقبله: حلت عليه بالقفيل ضربا ضرب بعير السوء إذ أحبا ينظر في: الكشاف للزمخشري (٤/ ٩٢)، لسان العرب (حبب)، والقفيل: السوط. وأحب البعير برك. وقيل: الإحباب في الإبل كالحران في الخيل، وهو أن يبرك فلا يثور.
(٢) سورة البقرة، الآية (١٨٣).
(٣) سورة العاديات، الآية (٨).
(٤) رواه البخاري رقم (٢٨٥٢)، ومسلم رقم (١٨٧٢).
(٥) أورده الزمخشري في الكشاف (٣/ ٣٧٤)، ونسبه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ١٩١) لإبراهيم الحربي في كتابه.
(٦) رواه أبو الشيخ في كتاب "العظمة" (٤/ ١٣٩٥) عن كعب رحمه الله تعالى قال: الحجاب جبل أخضر من ياقوت يحيط بالخلائق فمنه خضرة السماء التي يقال لها الخضراء وخضرة البحر من السماء فمن ثم يقال: البحر الأخضر "، وذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٩٣).
(٧) كسف الشيء يكسفه كسفا: قطعه، وخص بعضهم به الثوب والأديم والكسف والكسفة والكسيفة: القطعة مما قطعت. ينظر: لسان العرب (كسف).
(٨) قرأ بها زيد بن علي. تنظر في: البحر المحيط لأبي حبان (٧/ ٣٩٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٣٥)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>