للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ (٣١)}

{خَلِيفَةً} في تنفيذ أحكام الله تعالى. وقيل: خليفة عمن كان ملكا، وفيه دليل على أن حاله عادت بعد التوبة إلى ما كانت عليه لم تتغير. وعن عمر بن عبد العزيز: قيل له: إن الخليفة لا يجري عليه القلم. فقال: أيهما أعظم: الخليفة أم النبي؟ فقيل له: النبي. فتلا عليهم قوله تعالى: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ} (١). قوله: {باطِلاً} أي: لا لغرض صحيح ولا حكمة ظاهرة، وهي معاقبة المسيء وإثابة المحسن، وإلا فنحن نرى رجلا صالحا من المسلمين يظلم ويؤخذ ماله ويبقى فقيرا إلى أن يموت، ويبقى الظالم غنيا بما أخذ من المال، فلو لم يكن ثم آخرة يستوفي فيها للمظلوم حقه لكان خلق السماوات والأرض باطلا مخالفا للحكمة: {وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (٢) {ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: مظنوهم، وكانت الكفار معترفين بأن الله جل جلاله خلق السماوات والأرض، فكيف يزعمون أنه خلقها باطلا؟ وإنما كان كذلك لأن من جحد الحكمة في خلق العالم والثواب والعقاب؛ فقد جعل التصرف باطلا، ولولا الثواب والعقاب لاستوى حال المؤمن والكافر. والصفون (٣) لا يكاد يوجد إلا في الخيل العراب، ولا يوجد (٢٢٥ /أ) في الهجن التي ليس لها أصل في عراقة الخيل. ووصفها بالتمام إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعا في جريها. وروي أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب ألف فرس. وروي أنه ورثها من أبيه، وأصابها أبوه من العمالقة. وقيل: خرجت من البحر ولها أجنحة فقعد يوما بعد ما صلى الأولى على سريره، واستعرضها فلم يزل يعرض عليه حتى غربت الشمس، وغفل عن العصر أو عن ورد من الذكر كان له وقت العشاء وتهيبوه فلم يعلموه فاغتم لما فاته فاستردها وعقرها؛ تقربا إلى الله تعالى، وبقي مائة فما في أيدي الناس من الخيل الجياد من نسلها. وقيل: لما عقرها أبدله الله عز وجل خيرا منها وهي الريح تجري بأمره (٤).


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٨٩).
(٢) سورة الجاثية، الآية (٢٢).
(٣) يقال: صفنت الدابة تصفن صفونا: قامت على ثلاث وثنت سنبك يدها الرابع، وصفن الفرس: إذا قام على طرف الرابعة، وصفن يصفن صفونا: صف قدميه. ينظر: لسان العرب (صفن).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>