للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (٢٣) قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)}

وقوله: {إِذْ تَسَوَّرُوا} يدل على ذلك؛ فإن الملك لا يحتاج إلى التسلق، وأيضا قوله:

{خَصْمانِ} لا يليق بالملائكة أن يكذبوا، ويجعلوا أنفسهم خصوما، وكذلك لا يبغي بعضهم على بعض وكذلك قوله: {فَقالَ أَكْفِلْنِيها} والملائكة لا تكفل غنما. {وَعَزَّنِي} (٢٢٤ /ب) غلبني تقول العرب: من عز بز (١) أي: من غلب سلب، والملائكة لا يغالب بعضهم بعضا، وإنما استغفر داود من همه بقتل الرجلين بغير بينة. {وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ} عن الساجد بالراكع؛ لأنه ينحني كالساجد، واحتج به أبو حنيفة وأصحابه على قولهم: إن الركوع في سجود التلاوة يقوم مقام السجود (٢). ويجوز أن يكون أحرم بركعتين ليستغفر عقيبهما ما جرى، والصلاة تسمى ركوعا وسجودا. وقيل: إنه أقام ساجدا أربعين ليلة وكان لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة، أو ما لا بد منه ولا يرقأ دمعه حتى نبت العشب من دمعه إلى رأسه، ولم يشرب ماء إلا وثلثاه دمعه، وجهد نفسه واشتغل بالبكاء والتوبة عن مملكته حتى وثب ابن له يقال له [إيشا] (٣) على ملكه، ودعا إلى نفسه؛ فلما غفر لداود حارب ابنه وهزمه (٤). وروي أنه نقش خطيئته في كفه حتى لا ينساها (٥).

{يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ (٢٨) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩) وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ (٣٠) إِذْ}


(١) ينظر في: تهذيب الأسماء للنووي (٣/ ٢٠٤)، غريب الحديث للخطابي (١/ ١٤٥)، لسان العرب (بزز) والبز: السلب، ومعناه: من غلب سلب.
(٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٥٦).
(٣) بياض بالأصل والمثبت من الكشاف للزمخشري (٤/ ٨٨).
(٤) رواه الطبري في التفسير (٢٣/ ١٤٧ - ١٤٨)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٥٨).
(٥) رواه الطبري في التفسير (٢٣/ ١٤٨)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>