للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: باعت ذوائبها برغيفين، وكان أيوب إذا أراد أن يجلس تعلق بالذؤابتين، فلما أخبرته أنها باعتهما حلف. وقيل: قال لها الشيطان: اسجدي لي سجدة واحدة، وأنا أرد عليكم أموالكم (٢٢٧ /أ) فهمت أن تفعل فأدركتها العصمة، فذكرت ذلك له فحلف. وقيل:

أوهمها الشيطان أنه إذا شرب الخمر برئ، فعرضت له بذلك فحلف. وقيل: قالت له:

تقرب للشيطان بعناق (١). {وَجَدْناهُ صابِراً} علمناه صابرا، وسماه صابرا مع قوله: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ} لأن هذا ليس بتسخط، ولكنه شكوى إلى الله والتجاء إليه، وذلك لا ينافي الصبر. {إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ} عطف بيان ل‍ {عَبْدَنا}. ومن قرأ " عبدنا " (٢) جعل إبراهيم وحده عطف بيان، وعطف الباقي عليه. لما كانت الأعمال يزاول بعضها بالأيدي جعل الأعمال كلها بالأيدي؛ كقوله: {خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا} الآية (٣) وكذلك هاهنا. {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ} أي: أولي الأعمال الصالحة. {إِنّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ} أي: بخصلة خالصة؛ أبهمها، ثم فسرها بقوله: {ذِكْرَى الدّارِ} أو أخلصناهم بسبب هذه الخصلة، أو بأنهم أهل لها دون غيرهم. {الْأَخْيارِ} جمع خير، أو جمع" خير "على التخفيف؛ كأموات في جمع ميت وميت. و {وَكُلٌّ} أي: وكلهم من الأخيار. {هذا ذِكْرٌ} أي: هذا نوع من الذكر، وهو القرآن لما أجرى ذكر الأنبياء وأتمه وهو باب من التنزيل، ونوع من أنواعه، وأراد أن يذكر عقيبه بابا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها - قال: {هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} كما يقول الجاحظ في كتابه:" هذا باب "ثم يشرع في غيره والدليل عليه أنه لما أتم ذكر الجنة وأراد أن يشرع في ذكر أهل النار قال: {هذا وَإِنَّ لِلطّاغِينَ} وقيل: معناه: هذا ذكر جميل وشرف يتميزون به على سائر الملل. وقيل:

هذا ذكر من مضى من الأنبياء، ومن هو في وقت بعثتي.

{جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤) هذا وَإِنَّ لِلطّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ}


(١) ذكر كل ذلك الزمخشري في الكشاف (٤/ ٩٨) وروى الطبري بعضه في تفسيره (٢٣/ ١٦٧ - ١٦٩).
(٢) قرأ ابن كثير" عبدنا "وقرأ الباقون" عبادنا "تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٠١)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٠٥)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦١٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٥٣٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٥٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦١).
(٣) سورة يس، الآية (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>