{يَحْكُمُ} أو ما أضمر من القول قبل هذه الجملة "يقولون"{ما نَعْبُدُهُمْ} الآية.
فإن قلت: فإذا كان {إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ} خبرا، فما موضع {يَقُولُونَ} المضمر؟
قلت: يجوز أن يكون حالا؟ أي: قائلين ذلك، وأن يكون بدلا من الصلة؛ فلا يكون له محل؛ كما أن المبدل منه كذلك، والضمير في قوله:{إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} لهم ولأوليائهم والمعنى: أنهم كانوا يعبدون الأصنام ويرجون شفاعتها، وأنها تقربهم إلى الله وتلك الآلهة تسحب في نار جهنم وتعذب بالنار؛ إرغاما لمن عبدها، وأنهم أيضا مختلفون في (٢٢٩ /أ) الإعادة؛ فقوم يقولون: إنها روحانية وجسمانية، وقوم يقولون: إنها روحانية لا غير.
وقيل: يحكم بينهم وبين المؤمنين والكافرين ويجرى على كل واحد ما صح جراية القلم عليه.
{لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} لم يتصور ذلك لاستحالته في نفسه، وليس إلى ذلك طريق إلا أن يصطفي من مخلوقاته ما يشاء، وقد فعل ذلك بالملائكة فأقسم به، وغركم ذلك فادعيتموهن بنات له سبحانه. {هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ} كل موجود فهو مخلوق له. {أَنّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(١) لو كان له صاحبة لكانت من جنسه، وهكذا التناسل في الحيوانات كلها؛ الذكر والأنثى من جنس واحد. {الْقَهّارُ} الغالب لكل شيء؛ فيقهر آلهتهم، والمقهور لا يكون إلها. ثم دل بخلق السماوات والأرض، وتكوير كل واحد من المكورين على الآخر، وتسخير النيرين، وجريهما لأجل مسمى، وبث الناس على كثرة عددهم من نفس واحدة، وخلق الأنعام، وكل هذه المخلوقات دليل على أنه لا يشارك في خلق شيء منها قهار لا يغالب. والتكوير: اللف واللي؛ يقال: كار العمامة على رأسه وكورها، وفيه وجوه: أحدها: أن الليل والنهار