للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ} أي: نسي الضر الذي كان يدعو الله تعالى إلى كشفه.

وقيل: نسي ربه الذي كان يدعو إليه ويبتهل، و {ما} بمعنى {مِنْ} كقوله: {وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} (١) {وَالسَّماءِ وَما بَناها} (٢). {لِيُضِلَّ} قرئ بفتح الياء وضمها (٣) يعني أن نتيجة جعله لله شريكا أو ندا حصول الضلال له أو إضلاله، والنتيجة قد تكون غرضا في الفعل، وقد تكون غير غرض. وقوله: (٢٣٠ /أ) {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً} أمر تهديد؛ كقوله: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النّارِ} (٤) وبالغ في خذلان هذا الكافر في قوله: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً} فأتاه بأمر لا يريد حدوثه منه. قرئ: "أمن هو قانت" بالتخفيف على إدخال همزة الاستفهام على "من" وبالتشديد (٥) على إدخالها على "أم".

و"من" مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: أمن هو قانت كغيره؟ وإنما حذف لدلالة الكلام عليه وهو جري ذكر الكافر قبله. وقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} وقيل:

معناه: فأنت أفضل أمن هو كافر، أو أهذا أفضل أمن هو قانت؟

والقانت: القائم بما يجب عليه من الطاعة، ومنه قوله عليه السلام: "أفضل الصلاة طول القنوت" (٦) وهو القيام فيها، ومنه القنوت في الوتر؛ لأنه دعاء المصلي.

{ساجِداً وَقائِماً} حالان. وقرئ: "ساجد وقائم" برفعهما (٧) على أنه خبر بعد خبر، والواو للجمع بين الصفتين، وأن من لم يعمل بعلمه فليس بعالم، ويجوز أن يكون تشبيها


(١) سورة الليل، الآية (٣).
(٢) سورة الشمس، الآية (٥).
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس "ليضل" وقرأ الباقون "ليضل". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤١٨)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦١٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٨٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٩٩).
(٤) سورة إبراهيم، الآية (٣٠).
(٥) قرأ بها نافع وابن كثير وحمزة وقراء الباقين بالتشديد "أمّن". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤١٨)، تفسير القرطبي (١٥/ ٢٣٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٠٨)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦١٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٦١)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٩٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٢).
(٦) رواه مسلم رقم (٧٥٦)، وأحمد (٣/ ٣٩١)، والترمذي رقم (٣٨٧)، وابن ماجه رقم (١٤٢١)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها.
(٧) قرأ بها الضحاك. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤١٩)، تفسير الرازي (٢٦/ ٢٥٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>