للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظلمات الثلاث: البطن والرحم والمشيمة. وقيل: الصلب والرحم والبطن.

{ذلِكُمُ} الذي نقل النطفة من طور إلى طور. {فَأَنّى تُصْرَفُونَ} فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة مخلوقاته.

{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)}

{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} عن إيمانكم وأنتم المحتاجون إليه لاستبشاركم بالكفر واشمئزازكم من الإيمان.

{وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ} لأنه يوقع في الهلكة. {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} لأنه يؤدي إلى النجاة، فإذن ما رضي شكركم ولا كره كفركم إلا لمصلحتكم لا لمصلحة تتعلق به؛ لأنه الغني مطلقا الذي لا تجوز عليه الحاجة. وقال أصحابنا أهل السنة: ولا يرضى لعباده الذي يصلح أن تنسب أفعالهم إليه وهم الصالحون؛ فهو من العام الذي أريد به الخاص، وعني بهم المذكورين في قوله: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} (١) يريد المعصومين؛ كقوله:

{عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ} (٢) يريد الصالحين منهم، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

{وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩)}

قوله: {ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ} يقال: فلان خايل المال إذا كان يتعاهده ويثمره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة. ويجوز أن يكون المراد جعله مختالا فخورا بالمال؛ قال الشاعر [من البسيط]:

... إن الغنيّ طويل الذيل مياس (٣)


(١) سورة الحجر، الآية (٤٢).
(٢) سورة الإنسان، الآية (٦).
(٣) ذكره ابن قتيبة في غريب الحديث (٢/ ٢٧٦) على أنه مثل، والزمخشري في الكشاف (٤/ ١١٦) على أنه من قول العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>