للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١) أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢)}

{فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} فإذا اتفق واجب وندب اختاروا الواجب، وإن اتفق مباح ومندوب اختاروا المندوب، ويدخل تحته العقائد واختاروا أثبتها على السبك وكقول الشاعر [من البسيط]:

... ولا تكن مثل عير قيد فانقادا (١)

يريد المقلد. وقيل: يستمعون القرآن وغيره فيختارون القرآن. والهمزة التي في قوله:

{أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النّارِ} هي الهمزة التي في قوله (٢٣١ /أ) {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ} كررت توكيدا، تقديره: أفأنت مخصوص بإنقاذهم لا يقدر عليه أحد غيرك. {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أي:

من تحت الغرف؛ كما تجري في السهل من الأرض من غير تفاوت في ذلك. {وَعْدَ اللهِ} مصدر مؤكد؛ لأن قوله: {لَهُمْ غُرَفٌ} وعد.

{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ} قيل: كل ما في الأرض فهو من السماء؛ لقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ} {فَسَلَكَهُ} نظمه {يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ} عيونا.

والسلك: الخيط الذي يدخل فيه الخرز. {يَهِيجُ} يتم جفافه {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً} أي:

دريسا وهو إذا تم إدراكه، وأريد نقل حبه وتخليصه من بينه.

{أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} نظير {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ} في حذف الخبر. {مِنْ ذِكْرِ اللهِ} أي: من أجل ذكره، معناه: اشمأزت من ذكر الله. وقوله: {عَنْ ذِكْرِ اللهِ *} أي:

غلظت وجفت عن الانقياد إليه والطاعة له،

{اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣) أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ}


(١) هذا عجز بيت وصدره:
شمر وكن في أمور الدين مجتهدا ... ينظر في: فيض القدير (٥/ ٤٤٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>