للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خدمته شق عليه؛ فمواليه {مُتَشاكِسُونَ} و {رَجُلاً} آخر له سيد واحد قد عرف مقاصده فهمه مجتمع. فأي الرجلين أحسن حالا؟ وقوله: {فِيهِ شُرَكاءُ} متعلق ب‍ "متشاكسون" والتشاكس: الاختلاف وجعله رجلا؛ لأن المرأة والصبي قد يغفلان عن مقاصد سيدهما.

قوله: {إِنَّكُمْ} غلب فيه ضمير المخاطب على الغيبة. واختصامهم: يقول الأتباع للسادة: إنا أطعناكم، ويقول السادة: إنا أطعنا الشياطين. وقيل: اختصام جميع أهل الموقف.

وقد قال عبد الله بن عمر: "لقد مر علينا زمن ونحن نتلوا هذه الآية ونقول: كيف نختصم ونبينا واحد، وديننا واحد؟! حتى رأينا بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف؛ فعرفنا أنها نزلت فينا" (١). {إِذْ جاءَهُ} فاجأه بالتكذيب. {مَثْوىً لِلْكافِرِينَ} يشير به إلى الذين كذبوا على الله وكذبوا بالصدق. قوله: {أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن تابعه؛ كقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (٢) ويجوز أن يراد بالذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالذي {وَصَدَّقَ بِهِ} أتباعه (٣). وقرأ ابن مسعود {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} (٤).

{لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)}


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ١٢٧)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٦١٣) لعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، وقال الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٣/ ٢٠٤): رواه الحاكم في مستدركه في كتاب الأهوال من حديث زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف البكري قال: سمعت ابن عمر. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٢) سورة المؤمنون، الآية (٤٩).
(٣) رواه الطبري (٢٤/ ٣).
(٤) تنظر القراءة في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٢٨)، تفسير القرطبي (١٥/ ٢٥٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٥)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٤٦٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>