للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا} إنما اعترفوا بها؛ لأنهم رأوا الإحياء والإماتة قد تكررت عليهم، وهي فعل الله تعالى؛ فأقروا بما كانوا يكذبون به من نفي الشريك.

قوله: {فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} أي: فهل إلى نوع من الخروج من سبيل؟ أم اليأس واقع دون ذلك؟

{ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢)}

قوله: {ذلِكُمْ} أي: ذلكم الذي وصفناه من كفركم واعترافكم بما أنكرتموه بسبب أن الله إذا ذكر وحده بالوحدانية أنكرتم ذلك {وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلّهِ} حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد. وقيل: إن الحرورية الخوارج قالوا: لا حكم إلا لله من قوله:

{فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (١).

{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (١٤) رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ}


(١) الحرورية إحدى فرق الخوارج، قيل: سموا حرورية نزولهم بحروراء في أول أمرهم. قال الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس (١/ ٢٨): "وانقسمت الحرورية اثنتي عشرة فرقة فأولهم الأزرقية قالوا: لا نعلم أحدا مؤمنا، وكفروا أهل القبلة إلا من دان بقولهم. والأباضية قالوا: من أخذ بقولنا فهو مؤمن ومن أعرض عنه فهو منافق. والثعلبية قالوا: إن الله لم يقض ولم يقدر. والحازمية قالوا: ما ندري ما الإيمان والخلق كلهم معذورون. والخلفية زعموا أن من ترك الجهاد من ذكر أو أنثى فقد كفر. والمكرمية قالوا: ليس لأحد أن يمس أحدا لأنه لا يعرف الطاهر من النجس ولا أن يؤاكله حتى يتوب ويغتسل. والكنزية قالوا: لا ينبغي لأحد أن يعطي ماله أحدا لأنه ربما لم يكن مستحقا بل يكنزه في الأرض حتى يظهر أهل الحق. والشمراخية قالوا: لا بأس بمس النساء الأجانب لأنهن رياحين. والأخنسية قالوا: لا يلحق الميت بعد موته خير ولا شر. والمحكمية قالوا: إن من حاكم إلى مخلوق فهو كافر. والمعتزلة من الحرورية قالوا: اشتبه علينا أمر علي ومعاوية فنحن نتبرأ من الفريقين. والميمونية قالوا: لا إمام إلا برضا أهل محبتنا.
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين (١/ ١٢٧):" ومن ألقابهم المارقة ومن ألقابهم المحكمة وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية والسبب الذى له سموا خوارج خروجهم على علي بن أبي طالب، والذي له سموا محكمة إنكارهم الحكمين وقولهم لا حكم إلا لله، والذي له سموا حرورية نزولهم بحروراء في أول أمرهم، والذي له سموا شراة قولهم: شرينا أنفسنا في طاعة الله. أي بعناها بالجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>