للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما ذكر انفراده بالملك ذكر ما يترتب عليه من الجزاء؛ فقال: {الْيَوْمَ تُجْزى} وذكر أن الحساب لا يبطئ؛ فإن الله سريع الحساب؛ لأنه لا يشغله شأن عن شأن، وهو أسرع الحاسبين. وقيل: إذا أخذ في حسابهم لم يقل من القيلولة أهل الجنة وأهل النار إلا في منازلهم. {الْآزِفَةِ} القيامة، سميت بذلك لقربها، و (الزلفى) القربى، ويجوز أن يريد أنهم إذا أمروا بدخول النار التصقت قلوبهم بحناجرهم فلا يموتون ولا يحيون {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى} (١) {كاظِمِينَ} حال من القلوب أو من أصحاب القلوب، وجمع الكاظمين جمع السلامة؛ لأنهم وصفهم بوصف العقلاء، وهو كونهم كاظمين. ويجوز أن تكون حالا مقدرة من قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ} مقدرين الكظم.

{حَمِيمٍ} المحب المشفق، والمطاع: مجاز في قبول الشفاعة، ويجوز أن يراد نفي الشفاعة والقبول معا (٢٣٦ /أ) وهو أظهر؛ لأن الذين طلبت منهم الشفاعة ملائكة، وأولياء، فلا ترد شفاعتهم، فيمن هو أهل وإنما أتى بلفظة {يُطاعُ} لأنه قد يتوهم متوهم أن ثم شفاعة وطاعة فأيأس منهما، ويقول من عتب على ترك الجهاد: كيف أقاتل ولا فرس لي؛ أي:

ما يأتي لي القتال بغير فرس، ولا فرس هناك؛ فلا قتال.

{يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذّابٌ (٢٤) فَلَمّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ (٢٥)}

الخائنة: صفة للنظرة، أو: مصدر على فاعلة؛ كالعاقبة والعافية، والخائنة: الكاذبة، والمراد: استراق النظر إلى ما لا يحل. فإن قلت: بم يتعلق قوله {يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ}؟

قلت: هو من جملة أخبار {هُوَ} في قوله: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ} وإن طال الفصل.


(١) سورة طه، الآية (٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>