{وَالنَّهارَ مُبْصِراً} أي: يبصر فيه، وحقيقة الإبصار لأهل النهار لا للنهار. فإن قلت: قد جعل في صفة الليل: {لِتَسْكُنُوا فِيهِ} مفعولا من أجله، وفي {وَالنَّهارَ مُبْصِراً} على الحال، وهلا جاء القرينان على حالة واحدة؟
قلت: هما متفقان من حيث المعنى، ولو أنه قال: والنهار لتبصروا فيه فاتت الفصاحة المأخوذة من المجاز، ولو قال: والليل سكنا لم يأت بالمقصود، والليل يوصف بالسكون حقيقة؛ يقال: ليل ساج. وقوله:{لَذُو فَضْلٍ} ولم يقل: لمتفضل ولا لمفضل؛ لأن الغرض تفضيل فضل الله على فضل كل ذي فضل، ولا يحصل ذلك المقصود إلا بالإضافة، كرر ذكر الناس بقوله:{إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ} لأن ذكر الاسم الظاهر أبلغ من الكناية. {ذلِكُمُ} الموصوف: بما سبق هو {اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أخبار متوالية، ثم ذكر أن من جحد بآيات الله وجادل فيها فقد أفك كما أفكوا، ثم ذكر حجة أخرى وهي جعل الأرض مستقرا، والسماء كالقبة المضروبة؛ لأنها ترى على هذا الشكل. {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} لم يخلق حيوانا أحسن من الإنسان؛ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}(١){فَادْعُوهُ} فاعبدوه، و {الَّذِينَ} الطاعة،