للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها (١)

كأنه قيل: ليسوا بمصلحين. {يُسْجَرُونَ} يوقدون؛ تقول: سجرت التنور: إذا أوقدته، وقال تعالى: {نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ} (٢). {ضَلُّوا عَنّا} يعني الآلهة فلا نراهم.

فإن قيل: قالوا في قوله: {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (٣): إن العابدين والمعبودين في النار، فكيف قالوا: {ضَلُّوا عَنّا؟} قلنا: يجوز أن يضلوا عنهم وقت التبكيت، ويجوز أن يكونوا معهم في كل وقت لكن لما لم ينفعوهم بالشفاعة كأن وجودهم كالعدم؛ ويدل عليه قوله: {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً} أي: ما كنا نعبد شيئا يعتد به. {كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ} أي: مثل ضلال آلهتهم عنهم نضلهم عن الآلهة. {بِغَيْرِ الْحَقِّ} وهو الشرك وعبادة الأوثان. {اُدْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ} السبعة المقسومة لكم {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} مثواكم وهو جهنم.

{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (٨١) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ}


(١) البيت للأحوص الرياحي. ينظر في: الإنصاف لابن الأنباري (١/ ١٨٠)، الحيوان للجاحظ (٣/ ٤٣١)، خزانة الأدب (١٦٠، ٤/ ١٥٨)، شرح المفصل (٢/ ٥٢)، لسان العرب (شأم) وينسب للفرزدق في الكتاب (٣/ ٢٩)، وبلا نسبة في: أسرار العربية لابن الأنباري (ص: ١٥٥)، الأشباه والنظائر للسيوطي (٢/ ٣٤٧)، الخزانة (٨/ ٢٩٥)، الخصائص لابن جني (٢/ ٣٥٤)، شرح الأشموني (٢/ ٤٣٥) والشاهد فيه: جر" ناعب "بجار محذوف. وهو معطوف على" مصلحين "وهو منصوب؛ لكونه خبر (ليس)؛ وذلك لتوهم زيادة الباء في هذا الخبر؛ لكثرة زيادتها فيه. وهذا ما يعرف في غير القرآن بالعطف على المعنى أو" على التوهم ". ومشائيم: جمع مشئوم، وهو الإنسان الذي يجر الشؤم على قومه. وناعب: صائح، ومصوّت. والغراب: الطائر المعروف، يضرب به المثل في الشؤم. ويروى: ولا ناعبا.
(٢) سورة الهمزة، الآية (٦).
(٣) سورة الأنبياء، الآية (٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>