للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣)}

{فَإِمّا نُرِيَنَّكَ} {وَما} مزيدة لتأكيد الشرط. قوله: {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} إما أن يكون معطوفا على الشرط، فيبقى قوله: {فَإِمّا نُرِيَنَّكَ} جزاؤه: {فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ} وقوله:

{فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ} لا يدل على هذا الشرط، وإن جعل الجزاء عن قوله: {فَإِمّا نُرِيَنَّكَ} وحده بقي المعطوف عليه بلا جزاء، فتقول: {فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ} متعلق ب‍" نتوفينك " وجزاء" نتوفينك "محذوف تقديره: {فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} من العذاب. وهو القتل يوم بدر فذاك، أو {نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل بدر {فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ} يوم القيامة فننتقم منهم أشد الانتقام. {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا} (٢٣٩ /ب) قبل بعث الله ثمانية آلاف نبي: أربعة آلاف من بني إسرائيل، وأربعة آلاف من سائر الناس. وعن علي:" بعث الله نبيّا أسود فهو ممن لم يقص علينا خبره " (١) وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله بعث من قبله رسلا كثيرين فكذبوهم؛ فدمر الله على المكذبين. {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ} مقترحة {إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} {فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ} وعيد ورد عقيب اقتراح الآيات. {الْمُبْطِلُونَ} المعاندون الذين كذبوا بالآيات وسموها سحرا. {الْأَنْعامَ} الإبل خاصة. فإن قيل: هلا قال: لتركبوا عليها؟ قلنا: لأن في الركوب عليها يحصل أجر إذا سافر للغزو أو للحج أو لزيارة رجل صالح، وأما الأكل فإنه من باب المباح لا يرجى فيه ثواب، والمعنى ب‍" من "وب‍ " على "صحيح؛ فلذلك جازت العبارة بأيهما شئت. {فَأَيَّ آياتِ اللهِ} جاءت على اللغة المشهورة، تقول: بأية أرض نزلت، وبأي أرض نزلت، وقد جاء بأية آية، {بِأَيِّ أَرْضٍ} (٢) {وَآثاراً} قصورهم ومصانعهم. وقيل: كانت الأرض تتأثر بوطئهم بأرجلهم لعظم أجسامهم وثقلها.

{فَما أَغْنى عَنْهُمْ} " ما "نافية أو استفهامية ومحلها النصب، و" ما "الثانية موصولة، أو مصدرية، ومحلها الرفع، التقدير: أي شيء أغنى عنهم كسبهم أو مكسوبهم.


(١) رواه مسلم رقم (٦٢)، وأحمد في المسند (٣/ ٤١٣)، وابن ماجه رقم (٣٩٧٢).
(٢) سورة لقمان، الآية (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>