للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَقَضاهُنَّ} يجوز أن يكون ضميرا مبهما يفسره ما بعده. {أَمْرَها} ما فيها من مخلوقات الكواكب والملائكة. {وَحِفْظاً} أي: وحفظناها أن تقع على الأرض أو حفظناها من استراق {وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ} (١).

ويجوز أن يكون مفعولا له؛ أي: للحفظ.

{فَإِنْ أَعْرَضُوا} بعد ما سمعوا من الحجج على وحدانيته فحذرهم أن تصيبهم صاعقة؛ أي: عذاب شديد الوقع كأنه صاعقة. {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أتوهم من كل جانب وأعملوا في أمرهم كل حيلة فلم يروا منهم إلا الإعراض؛ كما حكى عن الشيطان: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ} (٢) وقيل: أنذروهم بهلاك من هلك من الأمم وبيوم القيامة. "أن" في قوله: {أَلاّ تَعْبُدُوا} مخففة من الثقيلة أو بمعنى (أي) ومفعول {شاءَ} محذوف، أي: لو شاء ربنا إنزال ملائكة لفعل.

وقوله: {بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ} ليس إقرارا بالرسالة، وإنما هو على زعمكم؛ كقول فرعون:

{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} (٣).

روي أن أبا جهل قال: التبس علينا أمر محمد، فلو وجدنا من يكشف عن أمره؟ فانطلق إليه عتبة بن ربيعة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت تسفه أحلامنا وتسب آلهتنا، فإن كان بك الفقر جمعنا لك مالا تستغني به، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة من خيار قريش.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} حتى انتهى إلى قوله: {صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ} فوضع عتبة يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناشده الله والرحم ألا يفعل، ثم رجع عتبة إلى منزله ولم يأتهم؛ فظنوا أنه قد صبأ وأسلم؛ فجاءوا إليه وعنفوه؛ فحلف بالله لا يكلم محمدا أبدا، وقال: لقد علمتم صدق محمد، فلما هددنا بصاعقة عاد وثمود خفت أن ينزل بكم العذاب (٤).


(١) سورة الصافات، الآية (٧).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٧).
(٣) سورة الشعراء، الآية (٢٧).
(٤) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢/ ٢٧٨) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٣١٠) للبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>