{فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ} تعظموا فيها واستكبروا بما لا يوجب الكبر من كبر الأجساد وكثرة الأولاد فأهلكهم الله.
{مَنْ أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً} كانت عاد ذوي قوة، كان الرجل منهم يقتلع الصخرة العظيمة فيأتي بها إلى منزله، ومعنى كونه تعالى قويّا أنه يفعل ما يعجز أرباب القوى عنه. (٢٤١ /ب) والقوة في الآدميين صحة البنية والتمكن من المقدورات. {يَجْحَدُونَ} كانوا يعرفونها وينكرونها وكانوا فجرة فسقة. الصرصر: الريح التي تصوت في هبوبها.
وقيل: الباردة التي تحرق بشدة بردها تكريرا للصر وهو البرد. الأصل في {نَحِساتٍ} نحسات: بكسر الحاء فخفف سكونها أو وصف بالمصدر كرجل عدل وفطر وصوم.
وقرئ "لنذيقهم"(١) الريح أو العذاب أو الأيام النحسات. {عَذابَ الْخِزْيِ} إضافة الشيء إلى صفته؛ كأنه قال: العذاب المخزي، كما تقول: فعل السوء، أي: الفعل السيء. قوله:{وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى} إسناد مجازي، ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به؛ كما تقول: فلان له شعر، وله شعر شاعر.
{فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} فاختاروا الضلالة. فإن قيل: معنى هديته أي: حصلت له الهدى، فكيف يجتمع ذلك مع قوله:{فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى؟} قلت: نزل السبب منزلة المسبب؛ فجعل الإيضاح والبيان بمنزلة الرشاد نفسه. {صاعِقَةُ الْعَذابِ} داهية العذاب، و {الْهُونِ} الهوان، وهو إما وصف بالمصدر أو بدل منه.
(١) تنظر القراءة في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٩١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٦٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٤٩).