للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ} بصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم {بَغْياً} مفعول من أجله، وكانوا يظنون أن النبي المبعوث في آخر الزمان من أولاد إسحاق؛ فيكون من بني إسرائيل، فلما جاء من ولد إسماعيل حسدوا العرب لكونه منهم. {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} بتأخير العذاب إلى يوم القيامة لعاجلهم بالهلاك. {وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ} موقع في الريب والقلق وليس الريب الشك؛ لقوله: {لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} فجعل الريب موجبا للشك {فَلِذلِكَ} أي: فلهذا الدين الحق {فَادْعُ} أي: الناس إلى اتباعه {وَاسْتَقِمْ} أي: دم على الاستقامة {وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ} من الكتاب والصحف؛ لقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (١) ولقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ} (٢) {وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} قيل: اللام بمعنى {وَإِنَّ} كقوله تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} (٣) {وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} (٤) والمشهور أن "كي" مقدرة قبل {إِنَّ} والتقدير: لأن أعدل. قوله: {لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ} قال بعض من غلط: إن هذه الآية منسوخة لأنها تفهم المتاركة، وقد كلّف الرسول والمؤمنون بقتال الكفار، وهذا غلط؛ لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم له وعملهم لهم، ولم يتغير هذا الحكم ولم ينسخ. قوله: {مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ} (٢٤٥ /ب) أي: من بعد ما أطاعه الناس وأجابوا. الدحض: الزلق ومزلة الإقدام، سماها حجة وهي باطلة ليست بحجة لأنهم أجروها مجرى الحجة. قوله: {وَالْمِيزانَ} قيل: أنزل الميزان من السماء.

وقيل: نزلت الآية من السماء. {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ} أي: ذات قرب، وقوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (٥) مثل ذلك. قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أي: يجادلون فيها بالباطل. قوله: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ} يرشدهم إلى ما يصلحهم.


(١) سورة البقرة، الآية (٢٨٥).
(٢) سورة النساء، الآية (١٥٠).
(٣) سورة الزمر، الآية (١٢).
(٤) سورة المائدة، الآية (٦).
(٥) سورة الأعراف، الآية (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>