للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣)}

{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} ما نشاء لمن نريد؛ حمل المطلق على المقيد.

ومعنى الهمزة في {أَمْ} التقرير، وشركاؤهم: شياطينهم الذين زينوا لهم الشرك وإنكار البعث. وقيل: شركاؤهم: أوثانهم، وأضيفت إليهم؛ لأنهم اتخذوهم شركاء لله؛ فكانت سببا لضلالتهم؛ كما قال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ} (١) أي:

كانوا سببا للضلال. {وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ} أي: بتأخير العذاب إلى يوم القيامة {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} بين المؤمنين والكافرين، أو بين الأصنام وعبدتها. {تَرَى الظّالِمِينَ} في الآخرة:

{مُشْفِقِينَ} من جزاء ما كسبوا.

قوله: {وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ} أي: وباله واقع بهم. الروضة: أطيب بقاع الجنة وأنزهها.

{ذلِكَ} الثواب {الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ} به، فحذف الجار لدلالة الكلام عليه، ثم حذف الراجع كقوله: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} (٢) أي: بعثه الله. قوله: {إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} يجوز أن يكون متصلا، والتقدير: إلا أن تودوني لقرابتي منكم، ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة، ويجوز أن يكون منقطعا، أي: لا أسألكم عليه أجرا قط، ولكني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم، ومعنى دخول {فِي} في قوله: {إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} أنهم يجعلون القرابة محلا للمودة؛ كقولك: لي في فلان مودة، وليست "في" صلة؛ إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به، والقربى: مصدر بمعنى القرابة وروي أنها لما نزلت قالت الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: من ذوو قرابتك الذين أمرنا بمودتهم؟ فقال: "عليّ


(١) سورة إبراهيم، الآية (٣٦).
(٢) سورة الفرقان، الآية (٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>