للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنبوة. {أَهُمْ يَقْسِمُونَ} الهمزة للإنكار؛ أي: وإذا كانت الأرزاق والمعايش قد تولينا قسمتها ولم نفوضها إلى أحد؛ فما ظنك بالنبوة التي (٢٥٠ /ب) هي سفارة بين الله وبين خلقه؛ فالله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس؟

ليسخّر الغني من الفقير، ويسخّر الغنيّ الفقير بفضل ذات يده. {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ} في الآخرة {خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ} في الدنيا. وقيل: {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ} في الدنيا بالهداية {خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ} {لِبُيُوتِهِمْ} بدل اشتمال بإعادة العامل، ويجوز اللامان؛ كما في قولك:

وهبت له ثوبا لقميصه.

{وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ (٣٤) وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)}

والمعارج: جمع معرج، أو اسم جمع، وهي المصاعد؛ أي: العلالي. {عَلَيْها يَظْهَرُونَ} يعلون؛ قال الله: {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} (١) {لَمّا مَتاعُ} اللام هي الفارقة بين النافية والمخففة من الثقيلة. وقرئ بكسر اللام (٢) أي: الذي هو متاع الحياة الدنيا؛ كقوله: {ما بَعُوضَةً} (٣) بزيادة "ما".

{وَلَوْلا} كراهة {أَنْ يَكُونَ النّاسُ} كلهم على ملة واحدة، وهي الكفر، لو سعنا على الكفرة أكثر مما وسعنا؛ لحقارة أمر الدنيا عنده. {وَزُخْرُفاً} أي: زينة، والزخرف:

الذهب، ويريد: وسقفا من فضة وذهب، وخفض عطفا على محل {مِنْ فِضَّةٍ}. وفي


(١) سورة الكهف، الآية (٩٧).
(٢) قرأ بها رجاء بن حيوة. وقرأ عاصم وحمزة وهشام بخلف عنه وابن جماز "لما". وقرأ بقية العشرة "لما " بفتح اللام. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٢١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٤٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٨٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٨٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٩١).
(٣) سورة البقرة، الآية (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>