للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث: "لو وزنت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء" (١).

تقول: عشي فلان: إذا أصاب بصره آفة، فأما إذا نظر نظرة العشى من غير آفة قيل:

عشى يعشو، ونظيره عرج؛ إذا أصابته آفة، وعرج - بفتح الراء -: إذا مشى مشي الأعرج، وقال حاتم الطائي [من الكامل]:

أعشو إذا ما جارتي برزت ... حتّى يواري جارتي الخدر (٢)

وقرئ: "يعش" بفتح الشين و {يَعْشُ} بضمها (٣) على أن {مَنْ} موصولة، ومعنى القراءة بالفتح: ومن يعم {عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ} وهو القرآن. وأما قراءة الضم فمعناها: ومن يتعام عن ذكره. {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً} نيسره. وقرئ "جاءانا" (٤) على أن الفعل له وللشيطان. {بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} يريد: المشرق والمغرب؛ فغلب كالعمرين والقمرين، والأصل بعد المشرق من المغرب، وأراد: بعد ما بينهما. {أَنَّكُمْ} في محل رفع على الفاعلية؛ أي: ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب فالمعذب، إذا وجد آخر مثله يتسلى به ويستأنس. وقد حرم الله على أهل النار لذة التأسي، وقد قالت الخنساء (٢٥١ /أ) [من الوافر]:

ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّي النّفس عنه بالتّأسّي (٥)


(١) رواه الترمذي رقم (٢٣٢٠)، وابن ماجة رقم (٤١١٠)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٠٦)، وصححه الترمذي، والشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (٦٨٦).
(٢) ينظر البيت في: الاستذكار لابن عبد البر (٨/ ٣٦٧)، البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤)، تاريخ مدينة دمشق لأبي القاسم بن هبة الله الشافعي (١١/ ٣٧٤) الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٥١) ويروى بدل "أعشو" في الاستذكار: أعمى، وفي تاريخ دمشق: أغضي. ورواية الكشاف "أعشو" كما هنا.
(٣) قرأ جمهور القراء "يعش" وقرأ ابن عباس وعكرمة "يعش". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٦)، تفسير القرطبي (١٦/ ٨٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٥٠)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٣٢).
(٤) قرأ بها نافع وابن كثير وابن عامر وشعبة وأبو جعفر، وقرأ بقية العشرة "جاءنا".
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٦)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٢١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٥٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٨٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٨٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٩).
(٥) تنظر الأبيات في: الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر (٧/ ٦١٦) في ترجمة الخنساء، البحر -

<<  <  ج: ص:  >  >>