للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولك أن تجعل الفاعل التمني؛ أي: ولن ينفعكم اليوم التمني، وهو قوله: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}.

{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧)}

وقوله: {أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} تعليل لامتناع الانتفاع بالتمني. ومعنى قوله: {إِذْ ظَلَمْتُمْ} إذا صح ظلمكم، و {إِذْ} بدل من {الْيَوْمَ،} ومنه قول الشاعر [من الطويل]:

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة (١) ...

أي: تبين أني ولد كريمة.

{أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ} أي: لا يقدر على إسماعهم إلا الله وحده. (ما) في قوله:

{فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} بمنزلة لام القسم في أنها إذا دخلت دخلت النون المؤكدة معها، فإما بقبضك إلينا قبل أن ترى فيهم ما يسرك؛ فنحن نتولى عقوبتهم في الآخرة، وإن عوقبوا في الدنيا، وعلمت بذلك سرّي عنك بعض الغم.

{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ} أي: لشرف. {وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} عن القيام بحقه. {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا} قيل:

انظر في أديانهم وما جاء فيها من الاعتقادات، هل فيها شيء من أغاليطهم.

وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع له الأنبياء ليلة المعراج، فأمهم. وقيل له: اسأل، فقال:

"إني لم أشك، فلم يسأل" (٢).وقيل: اسأل أمم من أرسلنا. {إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ} يسخرون ويستهزئون.


= المحيط لأبي حيان (٨/ ١٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٥٣).
(١) صدر بيت لزائد بن صعصعة، وعجزه:
ولم تجدي من أن تقري به بدا.
ينظر في: تفسير الطبري (١/ ٣٢٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٠٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٠)، معاني القرآن للفراء (١/ ٦١)، المغني لابن هشام (١/ ٢٥).
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٧٢٦) ونسبه لابن المنذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>