للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{خَصِمُونَ} شداد الخصومة؛ كقوله: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا} (١)

لما رأى ابن الزبعرى لفظا محتملا للعموم مع علمه بأن المراد الأصنام، والظاهر أن لفظة (ما) لغير العقلاء؛ فتدخل فيه الأصنام.

وقيل: إنهم لما قالوا لما نزل قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} (٢) قالوا: نحن خير من النصارى؛ إنهم عبدوا آدميا، ونحن عبدنا الملائكة؛ فنزلت (٣).

وقوله: {أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ} هذا تفضيل لآلهتهم على عيسى، ويجوز أن يكون "جدلا" حال؛ أي: جدلين. وقيل: قالت قريش: إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى وهو بشر. وقوله: {أَمْ هُوَ} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم ومقارنة النبي بآلهتهم تنقيص من جانب النبي صلى الله عليه وسلم.

{إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦)}

{إِنْ هُوَ} عيسى {إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ} بالنبوة وخلقناه من غير أب، وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر، ولو نشاء لفعلنا كل عجيب. {مَلائِكَةً} يخلفونكم في الأرض؛ كما تخلفكم الأولاد.

{وَإِنَّهُ} وإن عيسى {لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ} أي: هو شرط من أشراط الساعة، وعلامة من علاماتها، وسمي الشرط علما لحصول العلم به، وقرأ ابن عباس بفتح اللام (٤) أي:


(١) سورة مريم، الآية (٩٧).
(٢) سورة آل عمران، الآية (٥٩).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٦٠).
(٤) وقرأ بها أيضا أبو هريرة وأبو مالك الغفاري وقتادة ومالك بن دينار والضحاك وزيد بن علي.
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٢٦)، تفسير القرطبي (١٦/ ١٠٥)، الدر المصون -

<<  <  ج: ص:  >  >>