للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} حملهم على الخفة والطيش. {آسَفُونا} أغضبونا.

{سَلَفاً} يحدث بحديثهم بعدهم ويهدد بأنه من عصى الله حقيق بأن يقع به مثل العذاب. ولما نزل {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} (١) قال ابن الزبعري: اليوم أخصم محمدا إن خصمته يوما من الدهر، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة؛ فقال: إنك تزعم أنه أنزل عليك {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} أليس قد عبد المسيح عيسى ابن مريم؟ أليس قد عبد العزيز، وعبدت الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن تكون آلهتنا معهم! فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وصفق المشركون وفرحوا، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى} (٢) أو من هؤلاء المعبودين {أُولئِكَ عَنْها} عن النار {مُبْعَدُونَ}

{وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨)}

والمعنى: ولما ضرب عبد الله بن الزبعري عيسى بن مريم مثلا جادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه {إِذا قَوْمُكَ} قريش {مِنْهُ يَصِدُّونَ} يرفعون أصواتهم، ومنه {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً} (٣) (٢٥٢ /أ) ومن قرأ "يصدون" (٤) فهو من الصدود. {ما ضَرَبُوهُ لَكَ} مثلا {إِلاّ جَدَلاً} مغالبة للحق بالباطل لا تمييزه.


(١) سورة الأنبياء، الآية (٩٨).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (١٠١) والحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ١٥٣) ونسبه له الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٧٢)، وذكره الهيثمي أيضا في مجمع الزوائد (٧/ ١٠٧) ونسبه لأحمد والطبراني، وقال: وفيه عاصم بن بهدلة؛ وثقه أحمد وغيره وهو سيئ الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣١٤) رقم (٦١٦) و (ص: ٣٩١) رقم (٧٤٠) وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٦٠٧) ونسبه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبي داود في ناسخه والحاكم.
(٣) سورة الأنفال، الآية (٣٥).
(٤) قرأ نافع وابن عامر والكسائي وأبو جعفر وخلف "يصدون" وقرأ بقية العشرة "يصدون".
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٢٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٢٢)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٥٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٠٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٨٧)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٦٠)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>