للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أين يحصل لهم التذكر {وَقَدْ جاءَهُمْ} ما هو أشد وأقطع في وجوب الادّكار من كشف الدخان وهو معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتذكروا، و {تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ} أي: علّمه عدّاس غلام لثقيف. {إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً} فبمجرد كشفه يرجعون إلى ما هم عليه؛ {فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ} (١) فإن قيل: من جعل الدخان قبل يوم القيامة؛ كيف يجتمع معه {إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ؟} قلنا: إذا جاء الدخان ضج المؤمنون والكافرون وسألوا (٢٥٤ /ب) الله الرحمة والعفو فيكشف عنهم فيعودون لما كانوا عليه. {الْبَطْشَةَ الْكُبْرى} هي يوم القيامة كقوله: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى} (٢) وانتصب {يَوْمَ نَبْطِشُ} بفعل دل عليه {إِنّا مُنْتَقِمُونَ} {فَتَنّا} بكثرة الأموال والأولاد {قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ} هو موسى {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ} لأن موسى جاء إلى فرعون بأن يرسل معه بني إسرائيل ولا يعذبهم، فلم يطع لذلك. {كَرِيمٌ} على الله وعلى عباده المؤمنين؛ أو: كريم في نفسه؛ أي: شريف؛ إن الله لم يبعث نبيّا إلا من سراة قومه. {أَنْ أَدُّوا} هي المفسرة؛ لأن إتيان الرسول في معنى القول، أو: المخففة من الثقيلة؛ أي: بأن الشأن والحديث {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ} وهم بنو إسرائيل، ويجوز أن يكون (بني إسرائيل) منادى، والتقدير: أن أدوا إلي، ويوقف عليه، ويستفتح {عِبادَ اللهِ} من اتباع سبيلي وقبول دعوتي، ثم علل ذلك بكونه رسولا أمينا. قوله: {أَمِينٌ} أي: ائتمنه الله على وحيه ورسالته. {لا تَعْلُوا} فيه الوجهان، أي: لا تجترئوا على الله باستكباركم على نبيه. {أَنْ تَرْجُمُونِ} تقتلون. {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} أي: فليس بيني وبينكم اتصال وسأهجركم في الله {فَدَعا} موسى {رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ} قيل: كان من دعائه: {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ} الآيتين (٣).

{فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى}


(١) سورة الزخرف، الآية (٥٠).
(٢) سورة النازعات، الآية (٣٤).
(٣) سورة يونس، الآية (٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>