للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفعول به وليس بظرف؛ لأن اليوم مرتقب، وليس بمرتقب فيه. واختلف في الدخان؛ فقيل: هو دخان يأتي قبل يوم القيامة يدخل في مسام الكفار حتى تكون رأس كل كافر كرأس الحنيذ (١)، ويعتري المؤمن منه مثل الزكام، وتكون الأرض كبيت أوقد فيه، وليس فيه مكان يخرج الدخان منه. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "أول الآيات الدخان، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر. قال حذيفة: يا رسول الله، ما الدخان؟ فتلا الآية وقال: يملأ ما بين المشرق والمغرب ويمكث أربعين يوما وليلة" (٢).وقيل: هو دخان يأتي يوم القيامة فبلغ ابن مسعود فقال: "من علم شيئا فليقل، ومن لم يعلم شيئا فليقل: الله أعلم". إن قريشا امتنعوا من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسنين كسني يوسف فقحطوا حتى أكلوا الجيف، وكان الرجل منهم يحدثك فتسمع صوته ولا ترى شخصه من كثرة الدخان " (٣).وعن ابن مسعود:" خمس قد مضين: الدخان، والروم، والقمر، والبطشة، واللزام " (٤).

{يَغْشَى النّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنّا مُنْتَقِمُونَ (١٦) وَلَقَدْ فَتَنّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢)}

{يَغْشَى النّاسَ} هو في محل جر صفة للدخان، وقوله: هذا عذاب {هذا عَذابٌ} إلى قوله: {مُؤْمِنُونَ} نصب بفعل محذوف، أي: يغشى الناس وهم يقولون. {أَنّى لَهُمُ الذِّكْرى}


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٥/ ١١٣)، عن ابن عمر رضي الله عنها. والحنيذ: المشوي.
(٢) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٦) ونسبه للطبراني.
(٣) رواه البخاري رقم (٤٨٢٥)، ومسلم رقم (٢٧٩٨) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٥/ ١١٢)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٨٧) لابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه. واللزام: فسر بأنه يوم بدر، وهو في اللغة: الملازمة للشيء والدوام عليه، وهو أيضا الفصل في القضية، واللزام: الموت.
ينظر: لسان العرب (لزم).

<<  <  ج: ص:  >  >>