للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالتجارة. وقيل: بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري وغير ذلك. وقوله: {مِنْهُ} في موضع الحال، أي: كائنة منه وحاصلة، يعني أنه مكونها بقدرته ومستخرجها بحكمته، ويجوز أن يكون {مِنْهُ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: كل ذلك منه، وأن يكون {وَسَخَّرَ لَكُمْ} تأكيدا لقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ} ثم ابتدأ قوله: {ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} وأن يكون {وَما فِي الْأَرْضِ} مبتدأ، و {مِنْهُ} الخبر. وقرئ {مِنْهُ} بكسر الميم وتشديد النون "منّه" أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: ذلك، أو هو منّه (١). {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا} حذف المقول في قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا} لأن الجواب دال عليه، والمعنى: قل لهم اغفروا يغفروا. {لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ} أي: وقائع الله بالمكذبين.

وقيل: لا يرجون بمعنى يأملون، وكونه وعدهم بالفوز فيها. قيل: نسخت بآية القتال (٢).

وقيل: نزلت في عمر - رضي الله عنه - وقد شتمه رجل من غفار، فهم أن يبطش به. وعن ابن المسيب أن قارئا قرأها عند عمر؛ فقال: ليجزى عمر بما صنع (٣). {لِيَجْزِيَ} تعليل للأمر بالمغفرة، ونكر "قوما" تفخيما لشأنهم؛ أي: {لِيَجْزِيَ قَوْماً} وأي قوم، وذلك لصبرهم على أذى الكفار. {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} من الثواب. وقيل: لما نزلت الآية قال عمر: وعزة ربي لا ترى الغضب في وجهي (٤).

{مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ}


(١) قرأ بها ابن عباس وابن عمر والجحدري وابن محيصن "منّة" وقرأ سلمة بن محارب "منّه".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٤)، تفسير القرطبي (١٦/ ١٦٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٢٧)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٨٨)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٦٢).
(٢) قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٥/ ١٤٤): "وإنما قلنا هي منسوخة لإجماع أهل التأويل على أن ذلك كذلك".
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٨٨).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٨٩) وذكر أنه قال ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>