للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحل الجملة على النصب على الحال، أي: يصر مثل غير السامع، وإذا بلغه شيء من الآيات وعلم أنه منها {اِتَّخَذَها} أي: اتخذ الآيات {هُزُواً} ولم يقل: اتخذه؛ إشعارا بأنه متى سمع شيئا منها أخذ الآيات هزوا وطعن في كل آية مما يستطيعه، ويجوز أن يريد أنه متى سمع أدنى شيء يمكن الخصم (٢٥٦ /ب) أن يجعله شبهة بادر إلى الطعن بكل طريق، ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء علم، بمعنى أن ذلك الشيء آية أو آيات {أُولئِكَ} إشارة إلى {لِكُلِّ أَفّاكٍ} لعمومه؛ لأنه في معنى الجمع، ومنه: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} (١).

{مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١) اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)}

والوراء: الجهة التي يتوارى عنها الشخص سواء كان لخلف أو لقدام؛ قال سبحانه:

{وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ} (٢) {وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ} (٣).

وقوله [من الوافر]:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب (٤)

{وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا} من الأموال {وَلا مَا اتَّخَذُوا} أي: المعبودات التي اتخذوها شركاء.

{هذا هُدىً} إشارة إلى القرآن ويدل عليه قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} أي: هذا القرآن كامل في الهداية. الرّجز: أشد العذاب.


= الكتاب (٣/ ١٦٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٨٦)، المحتسب لابن جني (١/ ٣٠٨)، مغني اللبيب (١/ ٣٣)، همع الهوامع (٢/ ٣٢٦) ويروى آخره: وارق السلم. وناضر السلم. وتعطو: تأخذ وتتناول. ووارق - على الرواية الثانية -: كثير الورق. والسلم: شجر العضاه.
(١) سورة النمل، الآية (٨٧).
(٢) سورة المؤمنون، الآية (١٠٠).
(٣) سورة إبراهيم، الآية (١٧).
(٤) ينظر البيت في: تاريخ بغداد (١٤/ ٢٦٤)، تهذيب الأسماء للنووي (٣/ ٢٠٦)، حلية الأولياء لأبي نعيم (٧/ ٢٨٩)، شعب الإيمان للبيهقي (٧/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>