للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشكر عليها - نعمة الإسلام والهداية وجمع بين شكر النعمة عليه وعلى والديه؛ لأن النعمة عليه نعمة على والديه، وكذلك النعمة على الوالدين نعمة على الولد. وقيل في الأعمال المرضية الصلوات الخمس، ومعنى {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} اجعلهم محلا للصلاح، ومنه [من الطويل]:

وإن تعتذر فالمحل من ذي ضروعها ... إلى الضّيف يجرح في عراقيبها نصلي (١)

{مِنَ الْمُسْلِمِينَ} من المخلصين.

{أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (١٦) وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨)}

وقوله: {فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ} أي: مع أصحاب الجنة وقيل: نزلت في أبي بكر وفي أبيه أبي قحافة وأمه أم الخير وفي أولاده، واستجابة دعائه فيهم وقيل: لم يكن أحد من المهاجرين والأنصار اجتمع له إسلام أبويه وأولاده إلا هو (٢). {وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ} يريد:

من كان من هذا الجنس، ولذلك وقع الخير مجموعا. وقيل: المراد عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه؛ دعاه أبوه أبو بكر وأمه أم رومان فأبى وقال: أف لكما، وأنكرت عائشة ذلك، وقالت: عبد الرحمن رجل صالح فكيف نزلت في حقه؟ (٣).

{أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي: وجب عليهم كلمة العذاب، وحكي أن معاوية


(١) ذكر جزءا منه المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي (٩/ ٢٢٣)، والمناوي في فيض القدير (٢/ ١٣٤).
(٢) ذكر ذلك الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٠٣).
(٣) روى ذلك الطبري في التفسير (٢٦/ ١٩)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٤٤٤) لعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ١٥٩ - ١٦٠): "ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضى الله عنهما فقوله ضعيف لأن عبد الرحمن بن أبي بكر رضى الله عنهما أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه وكان من خيار أهل زمانه. ثم قال:" وقوله: (أولئك) بعد قوله: (والذي قال) دليل على ما ذكرناه من أنه جنس يعم كل من كان كذلك. وقال الحسن وقتادة: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث ".

<<  <  ج: ص:  >  >>