للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقدير: وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم. وقولهم: {إِفْكٌ قَدِيمٌ} كقولهم: {أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (١).

{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)}

{وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ} لما بين يديه من كتاب موسى، أو لما سبقه من الكتب والصحف. {لِساناً عَرَبِيًّا} حال من ضمير الكتاب في {مُصَدِّقٌ} والعامل فيه "مصدق" ويجوز أن ينتصب عن {كِتابُ} لتخصيصه بالصفة. {وَبُشْرى} معطوف على محل {لِيُنْذِرَ}. و {كُرْهاً} أي: ذات كره، أو كرها نصب على أنه صفة للمصدر؛ أي: حملا كرها وهذه الآية دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر (٢).

{وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} اقتطع منها سنتين بقوله: {وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ} (٣) فبقي من الثلاثين ستة أشهر. فإن قلت: المراد بيان مدة الرضاع لا مدة الفصال فلم قال:

{وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ؟} قلت: لما كان الرضاع يلابس الفصال وينتهي به جعل كأنه الرضاع، فأخبر عنه بأن مدته سنتان؛ قال (٢٥٩ /ب) [من الخفيف]:

كلّ حيّ مستكمل مدة العم‍ ... ر ومود إذا انتهى أجله (٤)

وبلوغ الأشد من الثلاثين إلى الأربعين. وقيل: أربعون. وقيل: ثلاث وثلاثون.

وقيل: لم يبعث نبي قط إلا بعد أن صار عمره أربعين سنة والمراد بالنعمة التي استودع الله


(١) سورة الأنعام، الآية (٢٥).
(٢) قال الخطيب الشربيني في كتاب الإقناع (١/ ٩٩): "وأقل زمن الحمل: ستة أشهر ولحظتان: لحظة للوطء ولحظة للوضع - من إمكان اجتماعهما بعد عقد النكاح، وأكثره - أي زمن الحمل -: أربع سنين وغالبه تسعة أشهر للاستقراء كما أخبر بوقوعه الشافعي وكذا الإمام مالك".
(٣) سورة لقمان، الآية (١٤).
(٤) البيت للطرماح، ينظر في: تفسير الطبري (٣/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>