للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفصلة، وإنما دخلت {لا} في قوله: {وَلا بِكُمْ} لزيادة توكيد النفي و {ما} في {ما يُفْعَلُ} يجوز أن تكون موصولة منصوبة، وأن تكون استفهامية مرفوعة. جواب الشرط محذوف؛ أي: أخبروني.

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١)}

{أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ} ألستم ظالمين ويدل على هذا المحذوف قوله: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} والشاهد من بني إسرائيل عبد الله بن سلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبصر ما فيه من علامة صحة النبوة فأسلم، وقصة عبد الله بن سلام معروفة، والضمير للقرآن. فإن قلت: أخبرني عن نظم هذا الكلام؟ قلت: (٢٥٩ /أ) الواو الأولى عاطفة ل‍ {وَكَفَرْتُمْ} على فعل الشرط؛ كما عطف ب‍ {ثُمَّ} في قوله: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ}.

وأما الواو في {وَشَهِدَ} فقد عطفت جملة قوله: {وَشَهِدَ} على جملة قوله: {إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} ونحوه قولك: أرأيت إن أحسنت وأسأت وأقبلت عليك وأعرضت لم يتفق، والمعنى: أخبروني: إن اجتمع كون القرآن من عند الله وكفرتم به وشهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله؛ ألستم أضل الناس؟ وقد جعل إيمانه مسببا عن شهادة الشاهد؛ لأنها أوضحت الحق {لِلَّذِينَ آمَنُوا} لأجلهم، وهو كلام كفار مكة، قالوا: عامة من يتبع محمدا أسقاط الناس. يعنون عمارا وصهيبا وخبابا وابن مسعود ونظائرهم من فقراء أهل الصفة فلو كان خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء الأعبد. وقيل: إنها كانت جارية لعمر كان يعاقبها على إسلامها قبل إسلامه؛ فتقول كفار قريش: لو كان الإسلام خيرا ما سبقتنا إليه هذه الجارية. فإن قلت: قوله: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا} ظرف لا يجوز أن يعمل فيه {فَسَيَقُولُونَ} فعل مستقبل، و {وَإِذْ} ظرف لما مضى من الزمان؛ فيتدافعان؟ قلت: العامل في {وَإِذْ} محذوف يفهم من السياق كما حذف من قوله: {فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ} (١) في قصة يوسف،


= وكرامة نصيبها أو رهبة من عقوبة وعذاب نهرب منه. ولكن ذلك كما قال الحسن ثم بين الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما هو فاعل به وبمن كذب بما جاء به من قومه وغيرهم".
(١) سورة يوسف، الآية (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>