{وَأَرْجُلَكُمْ} وهي معطوفة على قوله: {وُجُوهَكُمْ} أي: واغسلوا أرجلكم، هذا على قراءة النصب.
أما على قراءة الجر فقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على جواز الاقتصار على مسح الرجل؛ أخذًا بالقراءة الثانية {وَأَرْجُلَكُمْ} وقال: إن الإنسان يغسل رجله مرة ويمسحها مرة أخري، يغسلها بناءً على قراءة النصب، ويمسحها على قراءة الجر، وهذا لولا السنة لكان له نوع من الوجاهة، يعني: لكان وجهة نظر جيدة لكن السنة تأبي ذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل قدميه ولم يرد حرف عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يمسحها، بل إنه لما رأي بعض أصحابه قد غسل رجليه بما ليس بغسل نادي بأعلي صوته:"ويل للأعقاب من النار"(١) فدل ذلك على وجوب غسل القدم.
إذًا: كيف ننزل الآية؟
أما من جهة الإعراب ننزلها على ما سبق أن بعض أهل العربية قال إنها مجرورة بالمجاورة، وأن محلها حقيقة النصب، أو ننزلها على أن الرِّجل لها حالان: حال تكون مستورة، وحال تكون مكشوفة، فإذا كانت مكشوفة فالفرض الغسل، وإذا كانت مستورة فالفرض المسح، ولهذا لم يأتِ مثله في اليدين؛ لأن اليدين ليس فيهما مسح، حتي إن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان عليه الجبة الشامية وصعب عليه أن يخرج يده من الكم أخرج الكم من اليد، وأخرج يده من أسفل الجبة وغسلها عليه
(١) رواه البخاري، كتاب العلم، باب من رفع صوته بالعلم، حديث رقم (٦٠)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما، حديث رقم (٢٤١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.