للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن هذا عام ولحم الإبل خاص، ومعلومٌ أن الخاص يقضي على العام، وإنما قال جابر ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أولًا أن يتوضأ الإنسان إذا أكل مما مسته النار، حتي الخبزة إذا أكلها يتوضأ منها، ثم بعد ذلك نسخ هذا الأمر وصار الوضوء مما مست النار ليس بواجب.

السادس: مس الذكر أيضًا فيه خلاف بين العلماء واختلفت فيه الأحاديث، ففي بعضها الأمر بالوضوء وفي بعضها أن لا وضوء منه، وعلل النبي عليه الصلاة والسلام عدم الوضوء منه بقوله إنه بضعةً منك: لما سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة، أعليه وضوء؟ قال: "لا، إنما هو بَضْعَةٌ منك" (١)، و"البضعة": يعني الجزء، ومعلوم أن الإنسان إذا مس جزءًا منه لا ينتقض وضوؤه، فلو مس رأسه أو مس يده الأخري أو مس رجله أو بطنه أو ظهره لم ينتقض وضوؤه، فكذلك إذا مس ذكره، كلها أعضاء، وهذا التعليل تعليل بعلة ثابتة لا يمكن أن تتغير؛ لأنه لا يمكن أن يكون ذكر الإنسان غير بضعة منه، فهو لا يتغير، وإذا كانت العلة لا يمكن أن تتغير كان الحكم كذلك لا يمكن أن يتغير، ثم إن العلة هنا خبر من الرسول عليه الصلاة والسلام أي: أنها علة منصوصة بلفظ الخبر، والخبر لا يمكن أن يتخلف، وعلي هذا فلا وضوء من مس الذكر.

لكن قد ورد حديث آخر يقابله أن الرسول عليه الصلاة


(١) رواه النسائي، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك، حديث رقم (١٠١)، وابن حبان (١١٢٠)، والدارقطني (١/ ١٤٩) (١٥) عن طلق بن علي.

<<  <  ج: ص:  >  >>