للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الخامسة والأربعون: سعة رحمة الله عزّ وجل حيث نفي الحرج عن عباده، ولكن لو سألنا سائل: أليس يوجد في بني إسرائيل شيء من الحرج في عباداتهم؟ قلنا: بلى، لكن ذلك بسببهم، هم الذين تسببوا في ذلك، قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠)} [النساء: ١٦٠]، إلى آخره.

الفائدة السادسة والأربعون: أن التيمم مطهر وليس بمبيح؛ لأن بعض أهل العلم رحمهم الله يري أن التيمم يبيح ما كان محظورًا بدون الماء، يعني يبيح الصلاة بدون ماء؛ لأن الأصل أن الصلاة بدون ماء حرام، لكن إذا عدم الماء أو خيف الضرر باستعماله وتيمم أبيحت الصلاة.

فيرى بعض العلماء: أن طهارة التيمم استباحة لما كان محظورًا، وبناءً على هذا لو تيمم لقراءة القرآن، لم يصلِّ نافلة؛ لأن النافلة أعلي من قراءة القرآن، وإن شئت فقل: لأن وجوب الطهارة للنافلة أقوي من وجوب الطهارة لقراءة القرآن، بل الوضوء لقراءة القرآن سنة وليس بواجب، ومس المصحف هو الذي تجب له الطهارة، ولو نوي صلاة نافلة لم يصلِّ بذلك فرضًا؛ لأن الفرض أعلي من النفل، ولو خرج الوقت وهو على طهارته بطل تيممه؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، وهذا الرجل لم يتيمم إلا للصلاة الحاضرة، والصلاة الحاضرة تنتهي بخروج وقتها، ولكن هذا القول ضعيف، والصواب أن التيمم مطهر، ودلالة ذلك في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دلالته من كتاب الله قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} فبعد أن ذكر الوضوء والغسل والتيمم، قال: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>