كذلك أيضًا بالنسبة للضربة بالعصا، هل يقتص منها؟ نقول: أما بالعصا التي ضربه بها فهذا يمكن لكن يبقى النظر في شدة الضربة، فقد يضربه بسوط دقيق ثم يأتي بخشبة يريد أن يقتص، هذا لا يمكن، يبقى النظر فيما إذا ضربه بمثل ما ضربه به، فهل يمكن القصاص أو لا يمكن؟ ينبني هذا على ما سبق، أنه ليس المهم أن يضربه بما يؤذيه، أو ما أشبه ذلك، المهم أن يذله.
ويمكن أن نتعرض أيضًا لمسألة الثوب، لو شق ثوب إنسان هل يقتص منه بشق ثوبه؟ هذه فيها خلاف أيضًا، من العلماء من يقول: إذا شق ثوبه ضمنه إما بالمثل وإما بالقيمة، إن أتلفه حتى لا يستفاد منه فبالمثل إلا على المذهب كما تقدم، وإن شقه شقًّا يمكن الانتفاع مع وجوده فإنه يُقَوَّم، والذين قالوا: بالقصاص في مثل الضربة واللطمة وشق الثوب، استدلوا بالعموم أي: عموم الآيات: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤]، وقوله:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦]، والذين منعوا قالوا: إن هذا لا يمكن فيه القصاص؛ لأنه صعب التقدير، إذا قلنا بالقول الراجح: أنه يجوز أن يشق ثوبه كما شق ثوبه، فهنا سؤالان:
السؤال الأول: إذا اختلف الثوبان بأن كان أحدهما جديد والثاني قديم، أو كلاهما جديد أو أحدهما من النوع الجيد والثاني من النوع الرديء هل يفعل؟ هذا يرجع إلى ما ذكرنا، هل الذي طلب القصاص أراد المبادلة والمعاوضة، أو أراد إذلال الذي شق ثوبه؟ الغالب أنه الثاني وبناء على ذلك نقول: له أن يشق ثوبه ولو كان ثوب الجاني أعلى من ثوب المجني عليه قدرًا ووصفًا.