للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطب قالوا: إنه أفنته الحروب، قال: "المال كثير والعهد قريب"، ثم قال للزبير بن العوام رضي الله عنه: "مسه بعذاب"، أي: أمره أن يعذبه، فأقر (١)، فهذا من العمل بالقرائن وهو كثير في السنة، وكثير أيضًا في زمن التابعين من القضاة الأذكياء الذين يعملون بالقرائن، وفي كتاب الطرق الحكمية لابن القيم رحمه الله من هذا الباب شيء كثير.

لكن لو قال قائل: كيف نأمر وكيف ننهي، هل نأمر بشدة أو نأمر بسهولة؟

نقول: هذا يبنى على حال الشخص، فالمعاند ليس كالجاهل الأصلي، الجاهل الأصلي نعامله بلطف ولين وبالإقناع حتى يقبل الحكم، والمعاند أو المجاهر هذا له حكم آخر، ويدل لهذا وقائع وقعت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

منها: قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمه بلطف وقال: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر والأذى" (٢).

ومنها: قصة معاوية بن الحكم الذي تكلم في الصلاة مرتين، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بأن "هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" (٣).


(١) تقدم في (١/ ٢٦).
(٢) رواه مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، حديث رقم (٢٨٥) عن أنس بن مالك، وأصله عند البخاري حديث رقم (٢١٩).
(٣) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، حديث رقم (٥٣٧) عن معاوية بن الحكم السلمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>